د. عادل محمد عبدالقادر يكتب: نجاحُكَ مُرْتبطٌ بفعل الخير ونفْعِ الناس
بوابة الاقتصاد
. –جامعة السلطان عبدالحليم معظم شاه الإسلامية العالمية -unishams
الهمُّ الذي لا بد أن يشغل بالك هو همُّ منفعة الناس، وإدخال السرور عليهم، فأنت تسأل نفسك كل يوم تشرق عليك فيه شمسه: ما الذي سأقدمه للناس؟ وبِمَ سأنفعهم في يومي هذا؟
هل فكرت في دعم أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً، الآن جاء دورك لإغاثة مجتمعك.
قضايا أساسية تشغل بال المصلحين هي: القضاء على الفقر؛ وخلق فرص العمل؛ والتكامل الاجتماعي؛ وذلك للمساهمة في إنشاء مجتمع يمكِّن من بناء مجتمعات آمنة وعادلة وحرة ومتناغمة توفر الفرص ومستويات معيشة عالية للجميع. من خلال قراءتي للسيرة النبوية وجدتُ أعظم وصفٍ وُصف به خلق النبي صلى الله عليه وسلم هو وصف خديجة؛ فقد استدلت على أن ما حصل في غار حراء لا يمكن أن يكون شرًّا، مسترشدة بإحسانه صلى الله عليه وسلم، ونفعه الغير، فقد رجع إليها من الغار يرجف من شدة البرد يقول: ((زملوني زملوني))، فدثرته حتى ذهب عنه الروع، ثم أخبرها أنه خشِيَ على نفسه، فقالت له تلك الكلمات الخالدة: ((كلا، فوالله لا يخزيك الله أبدًا؛ فوالله إنك لتصِل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتَقرِي الضيف))، وهي كلها منافع كان يقدمها للناس،
والشيء الذي يلفت نظرك أن هذه الصفات نفسها وُصف بها الصديق رضي الله عنه؛ فقد وصفه بذلك رجل من المشركين وليس من المسلمين؛ إذ شهد له بأخلاق مثل أخلاق صاحبه؛ ففي صحيح البخاري: ((لما خرج أبو بكر مهاجرًا قِبَل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْكَ الغِماد، لقيه ابن الدَّغِنة، وهو سيد القَارَة، قال: أين تريد يا أبا بكر؟ قال أبو بكر: أخرجني قومي من هذا البلد، فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبدَ ربي، قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج – لماذا؟ – فإنك تكسب المعدوم، وتصِل الرحم، وتحمِل الكَلَّ، وتَقرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق)).فنجاحك – إذًا – مربوط بفعل الخير ونفع الناس؛ فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم، فلما استخلف، قالت جارية منهم: الآن لا يحلبها، فقال أبو بكر: بلى، وإني لأرجو ألَّا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل فيسقي لهن الماء بالليل، ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة، فدخل إليها طلحة نهارًا، فإذا عجوز عمياء مقعدة، فسألها: ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت: هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني، يأتيني بما يصلحني ويُخرِج عني الأذى.
ولك أن تتأمل في سيرة علي بن الحسين رحمه الله تجد ما يلفت نظرك من أنه كان يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام، فلما مات فقدوا ذلك، لقد كان ناس من أهل المدينة يعيشون ولا يدرون من أين معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي كان يأتيهم بالليل.
إن نفع الناس نعيم معجَّل، فهو سرور يغشى الروح فتسعد، فمن أعظم من أسباب السعادة وانشراح الصدر الإحسانُ إلى الناس، ونفعهم بالبدن والمال والجاه، والكلمة الطيبة، والتعاطف بالمشاعر، والمحسن هو أعظم الناس سعادة، وغير المحسن تجده كئيبًا ضيقًا، أتعس الناس وأنكدهم، وفي نفع الناس تخليد الأجور مع طِيب الذكر والمآثر؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الرعد: 17] وقد فسَّر مجاهد قول الله حكاية عن المسيح عليه السلام: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا ﴾ [مريم: 31]؛ أي: نافعًا للناس. جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: ((أحب الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجة، أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة شهرًا))، وتطبيقًا عمليًّا لهذا الحديث؛ فقد رُويَ أن ابن عباس رضي الله عنه كان معتكفًا في المسجد النبوي، فجاءه رجل يستعين به على حاجة له، فخرج معه، فقالوا له: كيف تخرج من المعتكف؟ فقال: “لأن أخرج في حاجة أخي خير لي من أن أعتكف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا كاملًا”.
وسُئل الإمام مالك: “أي الأعمال تحب؟ فقال: إدخال السرور على المسلمين، وأنا نذرت نفسي أفرج كربات المسلمين”. ونحن مقبلون على شهر كريم . شهر رمضان المعظم . أذكر الأحباب : أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة” السعي على الأرملة والمسكين واليتيم والإنفاق عليهما والقيام على أمورهما جهادٌ في سبيل الله . فعليك أخي بالمساهمة في هذه الأعمال الصالحة التي تسهم بها في تخفيف العبء عن مجتمعك إذا استصحبت معها النية الصالحة تكون عبادة. ساعد وقم بدورك تجاه وطنك وبني بلدك.