آخر الاخباراقرأ لهؤلاءبورصة و شركات

أحمد فضل يكتب: جريمة الانتحار.. بين الأسباب وطرق الوقاية.. الجزء الأول

بوابة الاقتصاد

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
إن الله تعالى خلق الإنسان وكرمه غاية التكريم ، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ويكمن ذلك التكريم بأن خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وجعله بشرا سويا ، وفضله على كثير ممن خلق ، فقد قال تعالى ( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) وبين ربنا تبارك وتعالى تشريفه جل وعلا للإنسان فى خلقه له على أحسن هيئة وأكملها لما قال تعالى ( لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ) وقال تعالى ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم * الذى خلقك فسواك فعدلك * فى أى صورة ما شاء ركبك ) أى ما غرك بربك الجواد الذى من عليك بعظيم نعمائه فجعلك سويا مستقيما معتدلا فى أحسن حال وركبك لأداء وظائفك وفى ألصورة التى شاءها لك خلقك ، وأودع الله فى الإنسان أدق أسراره ألا وهى الروح قال تعالى ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ومن الله على الإنسان بنعم عظيمة فى نفسه وفى جسده فجعل له السمع والبصر والفؤاد قال تعالى ( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) وقال تعالى ( وفى الأرض آيات للموقنين * وفى أنفسكم أفلا تبصرون ) فالإنسان مفعم بفضل الله ومنه وكرمه وعظيم نعمائه عليه ، بل وأسجد له الملائكة وجعله خليفة فى ارضه وامتن عليه بوافر النعم فمكن له فى الارض واستعمره فيها وسخر له الكون كله قال تعالى ( الله الذى خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار * وءاتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار *) قال تعالى ( الم تروا أن الله سخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ) بل ولم يترك الله عبده يعانى شيئأ من متاعب الدنيا وشقوتها بل أرسل اليه الرسل وأنزل إليه الكتب وهذا أيضا من أجل التكريم للإنسان أن يرسل الله الى عباده رسلا يبشرونهم بعظيم الجزاء إن هم أطاعوا الله عز وجل وينذرونهم عقابه إن هم عصوه ثم كان أعظم التكريم للبشرية قاطبة على الإطلاق بدين الإسلام دين الهدى والنور والرحمة والقرأن ، وسنة رحمة الله للعالمين ، تلك الجنة التى يرتع فى جنباتها الموحدن المخلصون الذين أخلصوا دينهم لله لرب العالمين ٠

فضل باحث
فضل باحث


فماذا على العبد بعد كل هذا التكريم الإ إن يفرح بفضل الله ورحمته ويأخذ ما أتاه الله ويكون من الشاكرين ويسجد لربه شكرا الى يوم أن يلقاه ؟
بل حرى بالعباد أن يحيوا فى طاعة الله مستئنسين برضا مولاهم شاكرين لأنعمه تبارك وتعالى التى امتن وتفضل عليهم بها .
ولكن وأسفاه على عبد عميت بصيرته عن كل تلك النعم واستبدل نعمة الله كفرا وجحودا فاستهان بكل ما من الله عليه به من تكريم ، وخان الله فى أمانته ، لما أقبل بكل قنوط وجحود على قتل نفسه التى أمنه الله عليها ، وإزهاق روح هى من أمر الله أودعها الله فيه . فيالها من جريمة شنيعة نكراء مكتملة الأركان ، تتمثل فى الأستهانة بقدر الله ، والإستخفاف بأمر الله وانتهاك حرمة الله الذى قال ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) وقال ( ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة ) ، والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله الذى قال على لسان نبيه يعقوب ( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) لذلك غلظ الله عقوبة قاتل نفسه لدرجة الخلود فى النار والعياذ بالله إن كان قد قتل نفسه مستحلا ما حرمه الله وهو قتل النفس أو منكرا ما هو معلوم من الدين بالضرورة كحرمة قتل نفسه .

فقد قال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ) وقال صلى الله عليه وسلم ( من قتل نفسه بشئ عذب به فى نار جهنم ) فعقوبته كبيرة لأنه ارتكب جريمة وكبيرة من الكبائر قد تخلده فى النار والعياذ بالله

وجدير بالذكر أن نؤصل هنا أن الأصل فى الإنسان أن يحيا حياته عبادة لله راضيا بقدر الله وبما قسم الله له مدركا حقيقة الحياة الدنيا أنها سجن المؤمن وجنة الكافر وأنها متاع الغرور حذرنا منها المولى تبارك وتعالى ومن الإنشغال بها والعيش من أجلها قائلا جلا فى علاه ( يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) وأن الله عز وجل قسم الأرزاق فيها ورفع البعض فيها درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وبين أن رحمته خير من الدنيا وما فيها قال تعالى ( أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ) فالأصل أن لا ييأس العبد فى الدنيا ولا يقنط من رحمة الله أبدا مهما أصابه فيها ، وما سنذكره من أسباب قد تكون سببا للبعض فى الهم والحزن والإحباط ولا تعد مبررا على الإطلاق لليأس والقنوط من رحمة الله بل ليعلم العبد أنه كما جاء فى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط ) فإن اصيب العبد بمكروه وتصبر ورضى سيرضى الله عنه وسيكشف ما به من ضر وإن تسخط وجزع وقنط تتضاعف مصائبه ويكتئب حاله بسخط الله عليه ، فليرضى العبد بقدر الله وليقنع وحتما سيكافئه الله عز وجل.
هذا ليتذكر الإنسان دائما أنه لله وأنه اليه راجع فهو ملك لله وحتما سيرجع اليه فليصنع المالك بصنيعه مايشاء فإن اصيب بشئ فليتصبر بوعد الله له بدار فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
…… من أسباب الوقوع فى جريمة الانتحار …..
تنقسم أسباب الإقبال على تلك الجريمة الى قسمين : أسباب شخصية، والمسؤل الأول عنها الأول هى الأسرة المتثملة فى الوالدين .،
..وأسباب مجتمعية وتنشأ بفعل المجتمع والناس والأنظمة .
أولا الأسباب الشخصية : ونعنى بكلمة الشخصية أى أسباب تكون نتيجة صفات سيئة اكتسبت توغلت فى شخصية صاحبها نتيجة قصور فى التريبة وخلل فى التنشئة السليمة للأبناء .
وهذا هو العامل الأكبر والمتحكم الأساسى فى تكوين شخصية الإنسان فالأصل أن كل مولد يولد على الفطرة كما قال صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ،…)
فمثلا حينما يهمل الوالدان تربية الابن وتركه دون نصح أو ارشاد ودن تعليمه الكلام مثلا وتنمية ذكائه بالحوار واللعب وغيره ستجد طفلا معوقا لا يستطيع الكلام ، فمنبع شخصية الإبناء تكون غالبا من الوالدين أو من المنبت الأول الذى ينشأ فيه الأبناء وإن كان البعض تكلم عن الجينات فأصل الجينات أيضا فى الوالدين وما علاهم .
وإلى لقاء أخر فى الجزء الثانى إن شاء الله.

زر الذهاب إلى الأعلى