مصر تواجه الحرب الأوكرانية والتضخم بـدعم اقتصادي للهيئات والتنمية
بوابة الاقتصاد
في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى استمرار تأثر الاقتصاد المصري بأزمات الحرب الروسية في أوكرانيا، وموجة التضخم المرتفعة التي تضغط بشدة على الاقتصاد العالمي، تستعد مصر لدخول العام الجديد بموازنة تقدر بنحو ثلاثة تريليونات جنيه (160.3 مليار دولار)، والتي تعد الأكبر في تاريخها.
وخلال مناقشة مجلس النواب المصري لموازنة العام المالي الجديد، كشف وزير المالية المصري محمد معيط، عن أن الأرقام الموازنية في العام المالي الجديد 2022 – 2023، تعكس حرص الحكومة على استكمال المسيرة التنموية، وزيادة أوجه الإنفاق العام على تحسين معيشة المواطنين والخدمات المقدمة إليهم، على الرغم من حدة الصدمات العالمية، وآثارها السلبية على اقتصادات دول العالم، بما فيها مصر، كما تعكس أيضاً تعزيز الحماية الاجتماعية للقطاعات الأكثر تضرراً، والفئات الأولى بالرعاية، بما يسهم في تقليل الآثار السلبية للحرب في أوروبا، التي أعقبت جائحة كورونا، على نحو يؤدي إلى تخفيف أعباء “التضخم المستورد” من الخارج، بحيث تتحمل الدولة العبء الأكبر عن المواطنين.
وقال إن الموازنة العامة للدولة، التي تتعلق بالجهاز الإداري للدولة، والإدارة المحلية، والهيئات العامة الخدمية، تعد الأكبر في تاريخ مصر، حيث تتجاوز ثلاثة تريليونات جنيه (160.3 مليار دولار)، ويبلغ إجمالي مصروفاتها، وفقاً لتقديرات العام المالى المقبل نحو 2.071 تريليون جنيه (110.68 مليار دولار)، بينما يبلغ إجمالي الإيرادات المقدرة نحو 1.518 تريليون جنيه (81.133 مليار دولار).
304 مليارات دولار إجمالي الإنفاق العام
الوزير المصري لفت إلى أن إجمالي إنفاق الحكومة للموازنة العامة للدولة وموازنات الهيئات الاقتصادية العامة يبلغ 5.7 تريليون جنيه (304.16 مليار دولار)، إذ يبلغ حجم إنفاق الهيئات الاقتصادية 2.6 تريليون جنيه (138.96 مليار دولار) لنحو 59 هيئة اقتصادية، بخلاف مخصصات الهيئة القومية للإنتاج الحربي.
وتمت زيادة مخصصات الصحة والتعليم بالموازنة الجديدة بما يستوفي الاستحقاق الدستوري، وبلغ إجمالي مخصصات قطاع التعليم الجامعي وقبل الجامعي نحو 476 مليار جنيه (25.44 مليار دولار)، و79.3 مليار جنيه (4.238 مليار دولار) للبحث العلمي، بينما بلغ إجمالي مخصصات قطاع الصحة نحو 310 مليارات جنيه (16.568 مليار دولار) على نحو يسهم في تعزيز الإنفاق على التنمية البشرية.
كما تمت زيادة المخصصات المالية للاستثمارات العامة إلى 376.5 مليار جنيه (21.122 مليار دولار) بمعدل زيادة 9.6 في المئة عن التقديرات المتوقعة لموازنة العام المالي الحالي لتعظيم الإنفاق على المشروعات القومية والتنموية وخلق فرص العمل، بما يساعد في استكمال المشروعات التنموية ذات الأولوية منها مشروعات حياة كريمة، ومشروع “تبطين الترع”، وتطوير منظومة الري، إضافة إلى تخصيص خمسة مليارات جنيه (0.267 مليار دولار) لصندوق التنمية الحضرية لتطوير العشوائيات والمناطق غير المخططة، بما يتسق مع “رؤية مصر 2030”.
وأشار معيط إلى أنه تم تخصيص ستة مليارات جنيه (0.32 مليار دولار) لدعم وتنمية الصادرات، بما يعكس حرص الحكومة على مساندة القطاع التصديري في مواجهة الأزمات الاقتصادية، باعتباره إحدى ركائز الاقتصاد القومي، من خلال السعي إلى رد الأعباء التصديرية المتأخرة للشركات المصدرة لدى صندوق تنمية الصادرات، بما يسهم في توفير سيولة نقدية تمكنها من الوفاء بالتزاماتها نحو عملائها، والحفاظ على العمالة في ظل هذه التحديات العالمية.
37 مليار دولار لدعم صناديق المعاشات
وأوضح الوزير المصري أنه تم تخصيص خمسة مليارات جنيه (0.267 مليار دولار) لدعم تخفيض سعر الكهرباء للقطاع الصناعي، و1.5 مليار جنيه (0.08 مليار دولار) لتحمل تكلفة الضرائب العقارية عن قطاع الصناعة، كما تم تخصيص 191 مليار جنيه (10.208 مليار دولار) لسداد القسط السنوي المستحق لصالح صندوق التأمينات والمعاشات، بما يسمح بتمويل زيادة المعاشات بتكلفة سنوية 38 مليار جنيه (2.03 مليار دولار)، وتكلفة إضافية ثمانية مليارات جنيه (0.427 مليار دولار) عن الفترة من أبريل (نيسان) وحتى يونيو (حزيران) 2022، بشكل يستفيد منه 10 ملايين من أصحاب المعاشات، والمستحقين عنهم، وبذلك يصل إجمالي المبالغ المحولة من الخزانة العامة لدعم صناديق المعاشات إلى 701 مليار جنيه (37.466 مليار دولار) على مدار أربع سنوات.
دعم وحماية
وأشار معيط أيضاً إلى أن الموازنة الجديدة تتضمن تخصيص 356 مليار جنيه (19.027 مليار دولار) لباب الدعم والحماية الاجتماعية، منها 90 مليار جنيه (4.81 مليار دولار) لدعم السلع التموينية ورغيف العيش لضمان توافرها لنحو 71 مليون مواطن، و22 مليار جنيه (1.175 مليار دولار) لبرنامج “تكافل وكرامة” تتضمن زيادة المستفيدين من “تكافل وكرامة” والضمان الاجتماعي إلى أربعة ملايين أسرة.
كما تتضمن موازنة العام المالي الجديد زيادة مخصصات باب الأجور وتعويضات العاملين إلى 400 مليار جنيه (21.378 مليار دولار) للارتقاء بأحوال العاملين بالدولة، مع استهداف توجيه الجزء الأكبر لتحسين أجور موظفي الدرجات الوسطى، ودخول العاملين بقطاعي الصحة والتعليم، جنباً إلى جنب مع تخصيص خمسة مليارات جنيه (0.267 مليار دولار) لتعيين 80 ألفاً من المعلمين والأطباء والصيادلة وتلبية الاحتياجات الأخرى بمختلف قطاعات الدولة.
تعزيز الحوكمة
وقال معيط إن الحكومة تستهدف معدل نمو حقيقي عند 5.5 في المئة خلال العام المالي الجديد، وتحقيق فائض أولي بمقدار 132 مليار جنيه (7.055 مليار دولار) بنسبة 1.5 في المئة، وخفض العجز الكلي إلى 6.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بعجز كلي عند مستوى 12.5 في المئة في نهاية يونيو 2016، ووضع معدل الدين في مسار نزولي مستدام ليصل لأقل من 75 في المئة من الناتج المحلي خلال السنوات الأربع المقبلة.
كما تستهدف الحكومة خفض معدل الدين إلى 84 في المئة من الناتج المحلي مقارنة بنسبة 103 في المئة في نهاية يونيو من عام 2016، وتقليل نسبة خدمة الدين إلى 7.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 33.3 في المئة من مصروفات الموازنة، وذلك جنباً إلى جنب مع جهود تنويع مصادر التمويل لخفض تكلفة التنمية، وإطالة عمر الدين.
أيضاً، تستهدف الحكومة تعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي لتوسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات الضريبية بنحو 23.5 في المئة مقارنة بالحساب الختامي للعام المالي 2020 – 2021، من خلال التوسع في الحلول التكنولوجية لتعزيز الحوكمة، وتحقيق العدالة، وحصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة.