آخر الاخباربنوك وتأمين

لماذا فقد الجنيه المصري 20 في المئة من قيمته في 80 يوما؟

بوابة الاقتصاد

يواصل الجنيه المصري النزيف مقابل نظيره الأميركي منذ قرار خفض قيمته في 21 مارس (آذار) الماضي، ليفقد 20 في المئة من قيمته خلال 80 يوماً تقريباً، بعدما سجل سعر صرف الدولار الأميركي ليوم الأربعاء 8 يونيو (حزيران)، في البنوك المحلية 18.70 جنيه، مرتفعاً بقيمة تتخطى الثلاثة جنيهات (0.16 دولار أميركي) منذ قرار لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي المصري، رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس بما يعادل الواحد في المئة، في جلستها قبل الأخيرة.

الدولار يرتفع لمستويات 2016 ايام التعويم

ولامس سعر صرف الدولار مقابل الجنيه أعلى مستوياته المسجَلة في عام 2016 عندما قررت الحكومة المصرية تحرير سعر صرف العملة (قرار التعويم)، وهو ما سمح لـ”العملة الخضراء” بمواصلة الزحف لتسجل في عام “التعويم” مستويات تخطت حدود 18.70 جنيه.

بوابة الاقتصاد
انخفاض قيمة الجنيه

وكان متوسط سعر صرف العملة الأميركية في القاهرة، قبل قرار البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة، يدور في فلك 15.50 وحتى 15.65 جنيه. ومع شح العملة الصعبة في البنوك المصرية وتعثر الإمدادات من قطاع السياحة وخروج “الأموال الساخنة” من القاهرة وتأثر الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية نتيجة التوسع في شراء القمح وسداد جزء من المديونيات، تعمقت أزمة الجنيه بشكل أكبر عقب اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا.
وأعلن البنك المركزي الثلاثاء (7 يونيو) تراجع صافي الاحتياطيات الدولية بنحو ملياري دولار، بعد أن سجل نحو 35.4 مليار دولار أميركي في نهاية مايو (أيار) الماضي، مقارنة بـ37.1 مليار دولار في أبريل (نيسان) السابق له، مرجعاً ذلك، في بيان رسمي، إلى سداد حزمة من الديون بلغت نحو ملياري دولار خلال الشهر الماضي. وأوضح أن “الديون التي سُددت من رصيد الاحتياطي النقدي توزعت بين سداد أصل المديونية لسندات دولية مقومة باليورو، علاوة على الفوائد، إلى جانب سداد جزء من قرض صندوق النقد الدولي، إضافة إلى سداد بعض الديون الخارجية.
وأرجع المحللون والمتخصصون الحركة في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه إلى قوى العرض والطلب، بعدما قررت القاهرة ترك العملة لحركة الأسواق، فيما برر آخرون ذلك بتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي الذي تسعى الحكومة المصرية إلى إبرام اتفاق ائتماني جديد معه.

انخفاض قيمة الجنيه امر غير مزعج

وقال الباحث في شؤون المصارف، ماجد فهمي، إنه “أمر طبيعي أن يرتفع الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري بعد قرار ترك العملة المحلية لقوى العرض والطلب”، موضحاً أن “التحرك التدريجي للعملة المصرية مقابل العملة الخضراء غير مزعج على الإطلاق”، مستدركاً أن “المزعج هو التراجع بقيمة كبيرة في وقت قصير”، ومتوقعاً “استمرار التراجع في ظل شح العملة الصعبة”. وأكد فهمي أن الوضع سيتحسن “في حال دخول خزائن القاهرة عملات أجنبية مع أي تحركات جديدة في موقف السياحة المصرية أو توقف الحرب الروسية في أوكرانيا في أي وقت”، لافتاً إلى أنه “من الصعب توقع استمرار تلك الوتيرة طالما هناك عملة متروكة في السوق لقوى العرض والطلب”.

عودة السوق السوداء

ومن جانبه، قال عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية المصرية، أحمد شيحة، إن “الصفقات الاستيرادية ثابتة على مدار العام الحالي، ولا يوجد ما يدعو إلى تكالب المستوردين على شراء الدولار من البنوك لتوفير قيمة الصفقات، خصوصاً في ظل إبقاء البنك المركزي المصري على القيود الاستيرادية التي تم تخفيفها لصالح السلع الأساسية والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج إلى جانب عدم قبول المركزي للعملة الأجنبية التي يدبرها المستوردون بمعرفتهم الشخصية، أي من السوق السوداء”.

وأرجع شيحة “الحركة في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه إلى المضاربات في الأسواق الخلفية” (السوق السوداء)، مؤكداً وجودها بصورة غير علنية.

ورفعت الحكومة المصرية تسعيرة “الدولار الجمركي” إلى 18.66 جنيه بداية من يونيو (حزيران) الحالي، وحتى نهاية الشهر ليصبح مقدار الزيادة منذ إعادة تطبيق التسعيرة في 22 مارس الماضي، 16 في المئة، بعد أن حددت السعر آنذاك بـ16 جنيهاً إثر عودتها إلى تطبيق نظام “الدولار الجمركي” بعد توقف لمدة سنتين عقب رفع “البنك المركزي المصري” أسعار الفائدة بمقدار 1 في المئة في 21 مارس الماضي، وخفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 14 في المئة.

ثقافة مصرفية جديدة يجب الاقتناع بها

من جانبه، قال نائب رئيس البنك العقاري العربي، وليد ناجي، إن “تأرجح الجنيه صعوداً وهبوطاً مقابل العملة الخضراء في ظل التعويم الكامل للجنيه أمر طبيعي ومألوف”، مؤكداً أنه “طالما هناك سماح بتحرك العملة المحلية أمام نظيرتها الأجنبية أو ما يُطلَق عليه اسم التعويم، يجب على الجميع تقبل تلك الثقافة المصرفية الجديدة”. ولفت إلى أن “المصريين لم يعتادوا على تلك الحركة من قبل، إذ إن البنك المركزي المصري طوال العقود الماضية كان يثبت سعر العملة مقابل العملات الأجنبية، وهذا كان خطأ كبيراً، علينا أن نتابع حركة الدولار مع الجنيه الاسترليني على سبيل المثال، وهو في حركة دائمة صعوداً وهبوطاً وفقاً لقوى العرض والطلب وقوة اقتصاد الدولتين”، متوقعاً ألا يتخطى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري حدود 19 جنيهاً.

شروط مجحفة لصندوق النقد الدولي

واعتبر الباحث في شؤون الاقتصاد الكلي، هاني جنينه، أن تحركات الدولار مقابل الجنيه أخيراً، “حركة معلومة مسبقاً”، موضحاً أن “أحد شروط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي التي بدأت القاهرة مفاوضات معه للحصول على تمويل جديد هو أن تطلق الحكومة المصرية سراح الجنيه مقابل العملات الجنبية”. وقال، إن “الصندوق يرغب في رؤية العملة المصرية مقابل العملات الأخرى بقيمتها الحقيقة، من دون إدارة بأدوات السياسة النقدية أو ما يُعرف التعويم المدار وهو تعويم للعملة، ولكن تركها للتحرك في نطاق سعري محدد لا تتخطاه صعوداً أو هبوطاً، معتبراً أن ما يحدث الآن هو تنفيذ لشروط الصندوق، مستدركاً “لكن قرار الخفض كان تدريجياً حتى لا تحدث أزمة أو هلع بين المصريين”، مشيراً إلى أن “الخفض الأول كان قبل ثلاثة أشهر عقب قرار رفع أسعار الفائدة بنسبة واحد في المئة، بينما ما يحدث الآن وهو خفض بصورة تدريجية حتى يعتاد مجتمع الأعمال في مصر على الوضع الجديد”.

وخلال الشهرين الماضيين، قررت لجنة السياسة النقدية بـ”البنك المركزي المصري” رفع أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس على دفعتين، الأولى في جلسة استثنائية عقدتها في 21 مارس 2022، عندما حركت الأسعار بنحو 100 نقطة أساس أو ما يعادل واحداً في المئة، ثم حرك الأسعار في مايو الماضي للمرة الثانية بمقدار 200 نقطة أساس، بما يعادل اثنين في المئة، ليسجل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي نحو 11.25 و12.25 و11.75 في المئة على الترتيب.

زر الذهاب إلى الأعلى