لماذا يواصل التضخم في مصر الارتفاع في 2022 ويسجل 15.3 في المئة؟
بوابة الاقتصاد
لماذا واصلت معدلات التضخم في القاهرة الارتفاع للشهر الخامس على التوالي، إذ وصل معدل الزيادة 7.3 في المئة منذ بداية العام، وارتفعت مؤشرات التضخم من 8 في المئة في يناير (كانون الثاني) الماضي، ليصل إلى 15.3 في المئة خلال مايو (أيار)، متأثراً بالتداعيات السلبية للحرب في أوكرانيا.
وأعلن الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء، الخميس 9 يونيو (حزيران)، ارتفاع معدلات التضخم لإجمالي الجمهورية للشهر الماضي إلى 15.3 في المئة، مؤكداً أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 130.2 نقطة لشهر مايو 2022، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 0.9 في المئة مقارنة بالشهر الماضي.
ارتفاع أسعار الحبوب والخبز 10.9 في المئة
وأرجع الجهاز تلك الزيادة في معدلات التضخم إلى ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 10.9 في المئة، إلى جانب مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 6.9 في المئة، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 5.3 في المئة، ومجموعة الفاكهة بنسبة 2.3 في المئة، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 1.9 في المئة، ومجموعة الإيجار المحتسب للمسكن بنسبة 0.7 في المئة، ومجموعة المياه والخدمات المتنوعة المتعلقة بالمسكن بنسبة 26.1 في المئة، ومجموعة السلع والخدمات المستخدمة في صيانة المنزل بنسبة 2.3 في المئة، ومجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 3.2 في المئة.
وعن التغير في أسعار السلع الأساسية بين مايو 2022 والشهر المناظر من 2021، ارتفعت قائمة سلع الطعام والمشروبات ارتفاعاً بنحو 28 في المئة بعد ارتفاع أسعار الزيوت والدهون بنحو 46 في المئة إلى جانب ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 41.7 في المئة. وارتفعت أسعار مجموعة الخضراوات بمقدار 33.5 في المئة، إلى جانب أسعار مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 30 في المئة، علاوة على ارتفاع أسعار مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 24.5 في المئة. وارتفعت أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 22.1 في المئة.
ارتفاع أسعار الطاقة بـ0.4 في المئة
وأكد الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء ارتفاع أسعار المشروبات الكحولية والدخان ارتفاعاً قدره 5.2 في المئة، كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار مجموعة الدخان بنسبة 0.4 في المئة. وسجل قسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود ارتفاعاً قدره 8.5 في المئة، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة المياه والخدمات المتنوعة المتعلقة بالمسكن بنسبة 27.9 في المئة، وأسعار مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 12.6 في المئة، علاوة على ارتفاع مجموعة الإيجار الفعلي للمسكن بنسبة 3.2 في المئة.
ولفت الجهاز إلى ارتفاع أسعار قسم الرعاية الصحية ارتفاعاً قدره 5.1 في المئة، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنحو 11.5 في المئة، إضافة إلى أسعار مجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 9.1 في المئة، إلى جانب ارتفاع أسعار قسم النقل والمواصلات ارتفاعاً قدره 6.3 في المئة، بسبب ارتفاع أسعار مجموعة المنفق على النقل الخاص بنسبة 12.1 في المئة.
ويلفت محللون تحدثت إليهم “اندبندنت عربية” إلى أن معدلات التضخم المعلنة كانت متوقعة في ظل حالة الغلاء التي تضرب معظم السلع. ويتوقع هؤلاء استمرار وتيرة ارتفاع الأسعار حتى نهاية العام الحالي. وهو ما قد يدفع البنك المركزي المصري إلى زيادة أسعار الفائدة من جديد في اجتماعاته المقبلة.
متوقع بعد تحريك سعر “الدولار الجمركي”
وقالت النائب السابق لرئيس “بنك مصر”، سهر الدماطي، إن ارتفاع معدلات التضخم في مايو الماضي كانت متوقعة في ظل تأثر الأوضاع المحلية بالأزمة الاقتصادية العالمية التي خلفتها الحرب في أوكرانيا.
وأضافت أن الأسعار خلال مايو الماضي كانت مرتفعة للغاية، خصوصاً في أسواق المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة، مشيرة إلى أن قرار الحكومة بتحريك أسعار الدولار الجمركي من 16 جنيه في أبريل (نيسان) إلى 17 جنيه في مايو، كانت أحد الأسباب التي استند إليها التجار والمستوردون في زيادة أسعار المنتجات المستوردة من الخارج. وقالت “هذا ما حذرنا منه، خصوصاً في ظل عدم وجود رقابة على التجار والأسواق”.
وحركت مصلحة الجمارك المصرية تسعيرة “الدولار الجمركي” إلى 18.66 جنيه بداية من يونيو (حزيران) الحالي حتى نهايته، ليصبح مقدار الزيادة منذ إعادة تطبيق التسعيرة في 22 مارس (آذار) الماضي، 16 في المئة، بعد أن حددت السعر آنذاك بـ16 جنيهاً إثر عودتها إلى تطبيق نظام “الدولار الجمركي” بعد توقف لمدة سنتين عقب رفع “البنك المركزي المصري” أسعار الفائدة بمقدار 1 في المئة في 21 مارس الماضي، وخفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي بأكثر من 14 في المئة.
ارتفاع أسعار السلع اليومية للمواطن
من جانبها، تقول المتخصصة في أسواق المال، حنان رمسيس، إن تأثير الحرب الأوروبية واضحاً على أسعار السلع في مصر، مشيرة إلى أنها السبب الرئيس في ارتفاع معدلات التضخم منذ فبراير (شباط) الماضي. ولفتت إلى أن التضخم شمل معظم دول العالم، وليس مصر فحسب.
وتؤكد أن للتضخم في مصر تأثيراً كبيراً، وباستعراض معظم السلع التي ارتفعت أسعارها نجد أنها تمس الحياة اليومية للمواطن، مضيفة أن التضخم يقود إلى التضخم وتأثير ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية يؤثر على القطاعات عموماً. وتلاحظ أن هذا عرف عند التجار في مصر.
وتتوقع “رمسيس” أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، مضيفة: أعتقد أنه ليس الحل الأمثل.
وتوضح أن التضخم الحالي ركودي لم ينبع من زيادة حجم المعروض من النقود في أيدي المواطنين أو الأسواق، خصوصاً في ظل تراجع معدلات الاستهلاك بين المصريين وارتفاع معدل الطلب على بدائل السلع المرتفع سعرها. وهذا دليل على أن التضخم نتيجة ارتفاع أسعار السلع على المستوى العالمي والحل الأمثل زيادة حجم المعروض من السلع مع تدخل الأجهزة الرقابية لضبط الأسعار في الأسواق، وعلى الحكومة الإسراع في توفير المنتجات المحلية البديلة للمنتجات المستوردة التي ارتفعت أسعارها.
توقعات برفع “المركزي” أسعار الفائدة
ويتوقع المتخصص في شؤون الاقتصاد الكلي، علي الإدريسي، أن يتجه البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، بمعدل لا يقل عن الواحد في المئة، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع وتيرة التضخم منذ بداية العام وارتفاع حدته مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ويشير الإدريسي إلى أن البنك المركزي لا يملك سوى أداة رفع أسعار الفائدة لكبح معدلات التضخم، إضافة إلى مقاومة سياسة التشديد النقدي التي يتبعها البنك الفيدرالي الأميركي، إذ تشير التوقعات إلى مواصلة البنك رفع أسعار الفائدة لأكثر من مرة خلال العام الحالي.
ويترقب مجتمع المال والأعمال المصري اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في 23 يونيو الحالي، بعد أن رفعت اللجنة أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس منذ بداية 2022 على دفعتين، الأولى في جلسة استثنائية عقدتها في 21 مارس 2022، عندما حركت الأسعار بنحو 100 نقطة أساس أو ما يعادل واحداً في المئة، ثم حرك الأسعار في مايو الماضي للمرة الثانية بمقدار 200 نقطة أساس، بما يعادل اثنين في المئة، ليسجل سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي نحو 11.25 و12.25 و11.75 في المئة على الترتيب.