بعد تخفيض قيمة الجنيه في مارس.. لماذا لم تتدفق الاستثمارات الأجنبية لمصر كما حدث في 2016؟
كتب-عبدالرحمن قطب (بوابة الاقتصاد):
في نوفمبر عام 2016، قررت الحكومة المصرية ممثلة في البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه بعد الإعلان عن اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهو الذي كان من إحدى شروطه من أجل الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، وهو ما أدى إلى ارتفاع الجنيه من نحو 8 جنيهات إلى 20 جنيها قبل أن ينخفض بشكل تدريجي إلى 15.75 جنيه.
انخفاض العملة وتقيمها بالسعر العادل لها كان يهدف بشكل رئيسي لجذب استثمارات أجنبية مباشر لمصر، وهو ما حدث في أعقاب قرار التعويم، وأكدته وزيرة الاستثمار سحر نصر، حيث أعلنت أن مصر شهدت أكبر استثمارات اجنبية مباشرة بالمنطقة خلال 2017 بعد الإمارات، كما أكدت أن عدد الشركات الأجنبية الجديدة التي تدخل السوق المصرية في ارتفاع مطرد بالتزامن مع زيادة حصة مصر في الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية.
العديد من الاستثمارات الأجنبية وفدت إلى مصر في أعقاب برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي تضمن تحرير سعر الصرف في عام ٢٠١٦، لكن ذلك لم يحدث في مارس الماضي عندما قرر البنك المركزي تحريك سعر الصرف لينخفض الجنيه بنسبة بلغت ١٧٪ ويرتفع سعر صرف الدولار ليصل إلى ١٨.٥٠ جنيه مقابل الدولار الواحد، وهو ما كان من المفترض أن يعد عنصرًا هامًا لجذب الاستثمارات والتدفقات الأجنبية لمصر، لكن ذلك لم يحدث كما حدث في المرة الأولى.
في هذا الصدد، قال الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ”بوابة الاقتصاد”. أنه إذا عدنا للعالم ٢٠١٦، وهو العام الذي اتخذ فيه محافظ البنك المركزي قرارًا بتعويم سعر الصرف، سيتضح أن الأموال العربية والاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومي، قد تدفقت إلى مصر في أعقاب إعلان الحكومة المصرية عن توصلها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
أي أن التدفقات والاستثمارات الخارجية، وفقًا لعبدالمطلب، لم تدفق إلى مصر فقط بسبب التعويم وانخفاض قيمة صرف الجنيه مقابل الدولار بنسبة كبيره، بل كان السبب الرئيسي هو الاتفاق مع صندوق النقد، وهو الاتفاق الذي كان بمثابة الرعاية من الصندوق لأي شركات ودول خارجية تريد أن تستثمر في السوق المصري.
وأوضح عبدالمطلب أن توصل دولة ما لاتفاق مع صندوق النقد الدولي يعني أن هذه الدولة ستقوم خلال الفترة التالية للاتفاق بأن توضح بياناتها المالية بشكل واضح وبكل شفافية، سواء بيانات الموازنة أو الدين المحلي والعام وغيرها من الأرقام الاقتصادية الرسمية، وهو ما يعطي الثقة للمستثمرين الأجانب ويدفعهم للاستثمار بكل ثقة في هذه الدولة.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن مصر في نوفمبر ٢٠١٦ لم تقدم على قرار تعويم سعر الصرف إلا بعد الاتفاق بشكل غير معلن مع صندوق النقد الدولي للحصول على القرض، وضمان وساطة ودعم الصندوق في جذب وتدفق الاستثمارات الأجنبية الخارجية.
أما فيما يخص الفترة الحالية، والسؤال الذي طرحناه في البداية حول لماذا لم تتدفق على مصر الاستثمارات الأجنبية المرجوة؟ أوضح عبدالمطلب أننا الآن في فترة انتظار لإعلان رسمي بين مصر والصندوق الدولي حول التوصل حول اتفاق مبدأي للحصول على قرض جديد.
ويرى عبدالمطلب، أنه بعد الإعلان عن الاتفاق ووضوح الرؤية للمستثمرين الأجانب حول السياسات الاقتصادية والنقدية الحكومية، ستشهد مصر طفرة في التدفقات الاستثمارية والمساعدات والقروض الاستثمارية الأجنبية المباشرة في أدوات الدين الحكومية.
وتجري حاليًا مصر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، وفقًا لوكالة “بلومبيرج”، لمواجهة التداعيات الاقتصادية السلبية من الحرب الروسية الأوكرانية، لكن حتى اللحظة لم يتم الاعلان بشكل رسمي عن التوصل لاتفاق أو قيمة القرض.