آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

د.صلاح عبدالجابر يكتب: هل توفر المشروعات الصغيرة فرص عمل حقيقية للشباب؟

صلاح عبدالجابر _ بوابة الاقتصاد


طرحت الحكومة المصرية فكرة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر كفكرة خارج الصندوق لتوفير فرص عمل مناسبة للشباب المتعطلين، ولدمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي للدولة، فهل ستنجح الفكرة التي تعول عليها الحكومة المصرية في خلق فرص عمل حقيقية وملائمة للشباب؟


وخلال سعي الحكومة لتطبيق فكرتها على أرض الواقع قامت بتأسيس جهاز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وذلك وفقا للقرار رقم 947 لسنة 2017 والمعدل بالقرار رقم 2370 لسنة 2018 .لكن العيب يكمن هنا أن هذا الجهاز ليس وحده مختص بذلك بل هناك جهات حكومية أخرى معنية بالمشروعات الصغيرة ويجب أن تتضافر جهودها لانجاح التجربة، ومن هذه الجهات برامج وزارة التضامن الاجتماعي للتمكين الاقتصادي مثل فرصة ومشورة وغيرها، وقد تجاوزت مهمة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الاعمال إلى القيام بتنسيق وتوحيد جهود كافة الجهات المعنية والجمعيات الأهلية والمبادرات العاملة في هذا المجال مما يجعله المسؤول الأخير عن كل الجهات المعنية بإنشاء وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر.
وحتى تحقق فكرة المشروعات الصغيرة نجاحا وانتشارا بين الشباب العاطلين عن العمل والبالغ نعددهم 2.155 مليون عاطل بنسبة 7.3% من إجمال قوة العمل، تحتاج إلى حزمة متكاملة من الحوافز سواء كانت ضريبية او من خلال تبسيط الاجراءات القانونية اللازمة للبدء في المشروع، أو توفير التمويل اللازم دون الحاجة لضمانات مالية معقدة تطلبها جهات الاختصاص، وكذلك تحتاج إلى مظلة حماية اجتماعية محفزة على الإنضمام والاستمرار في الانضمام.
والحلول المطروحة كثيرة من أجل شمول أصحاب هذه المشروعات والعاملين فيها بمظلة التأمينات الاجتماعية على أن يكون هذا الشمول كاملا بمعنى أنه يشمل الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل وكل المزايا ذات الصلة، ولأن أصحاب هذه المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ليس لديهم الموارد المالية الكافية لذلك فإن هناك فكرة ان تتدخل الدولة ممثلة في الجهاز وتقوم بتحمل جزء من تكلفة التأمينات وذلك لأن صاحب المشروع والعامل يحتاجان للدعم من قبل الدولة.
وجهاز المشروعات الصغيرة ينتشر في كل محافظات مصر فلدي 33 فرعا إضافة الى الشراكة مع حوال 600 جمعية أهلية معنية بتنمية المشروعات متناهية الصغر و1800 من أفرع البنوك المنتشرة بجميع المحافظات وعدد من شركاء التنمية المحليين، الا أن المحلاحظ أن جمعيات التمويل الأهلية هذه تبالغ كثيرا في الفوائد التي تحصل عليها من تمويل هذه المشروعات وأن التمويل يكون بمبلغ بسيط يتراوح بين عشرة آلاف وثلاثين ألفا وسعر الفائدة يصل الى 50 في المائة عند التسديد، وأن التسديد يتم من أول شهر بل حتى أن الدفعة الأولى تخصم من القرض التمويلي قبل أن يستلمه الشاب، فاذا فرضا مثلا أن شابا حصل على قرض بمبلغ عشرة آلاف جنيه فإنه يأخذها فعليا ثمانية آلاف وسبعمائة وخمسة وسبعون جنيها ويسددها 15 ألفا وذلك خلال سنة واحدة فقط ويدفع شهريا 1223 جنيها، فأي مشروع في الدنيا تكون تكلفته 8 آلاف يستطيع كسب 1225 جنيها شهريا؟
لقد تحولت الفكرة إلى استثمار مربح جدا للجمعيات الأهلية وشركات تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ولم تنجح حتى الان في خلق فرص حقيقية للشباب، على النحو المرجو والمأمول منها، بل إن أغلب من يلجأ إليها أصبح مضطرا لذلك لتسديد ديون وتزويج أبنته أو ابنه وليس لعمل مشروع متناهي الصغر، فهل نتدارك هذا الوضع ويقوم الجهاز بمراجعة سعر الفوائد المرتفعة جدا والتي تصل إلى 50% عند التسديد، ولماذا لا يكون التمويل في حدود المائة ألف جنيه لأن أي مشروع سيتكلف هذا المبلغ وأكثر ويكون هناك رقابة حقيقية على تنفيذ هذه المشاريع؟
والله المستعان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى