آخر الاخبارمنوعات

أثرياء روس خاضعون للعقوبات ينقلون ثروة بـ4.2 مليار دولار إلى شريك، بعيداً عن الأضواء

بوابة الاقتصاد

لم يكن من المفترض أن يتمتع أندريه كوسوغوف بهذا القدر الكبير من السلطة في عالم المليارديرات الروس.

كان كوسوغوف شريكاً موثوقاً فيه لفترة طويلة بالنسبة إلى الأوليغارشيَين الأكثر شهرة وثراءً، ميخائيل فريدمان وبيتر أفين، في “ألفا-بنك” (Alfa-Bank) و”ليتر وان” (LetterOne)، لكنه ابتعد عن الأضواء، ولم يوسّع أبداً علاقاته بالغرب من خلال مؤسسات خيرية، أو شراء العقارات الفاخرة في لندن مثل أقرانه.

لكن كوسوغوف، البالغ من العمر 61 عاماً، يمتلك حالياً حصة أكبر في هاتين الشركتين الماليتين تتفوق على حصة فريدمان نفسه، وذلك بعدما نقل المليارديران الآخران، جيرمان خان، وأليكسي كوزميتشيف، ملكيتهما بالكامل. تبلغ قيمة ما يملكه كوسوغوف نحو 4.2 مليار دولار، وفقاً لـ”مؤشر بلومبرغ للمليارديرات”.

اقرأ المزيد: دعوى قضائية ضد “كريدي سويس” حول تعاملات مزعومة مع الأوليغارشية الروسية

بالنسبة إلى المراقبين الخارجيين، ليس سراً أن كوسوغوف حصل على الشريحة الأكبر من إمبراطورية الأعمال العالمية المُقدّر حجمها بأكثر من 30 مليار دولار من الأصول الصافية في غضون أسابيع. مع ذلك، فإن الرجل لم يخضع لعقوبات من قبل أي حكومة غربية، كالتي خضع لها المليارديرات الأربعة الآخرون.

لكن، يبقى هناك سؤال من دون إجابة، حول مدى استمرارية هذا الوضع في حال انتهى الغزو الروسي لأوكرانيا ورفعت الحكومات العقوبات التي فرضتها.

لم يرد ممثل كوسوغوف على طلبات التعليق.

فضلاً عن تسليم ثروة إلى كوسوغوف، ساعدت عملية نقل الأصول بصورة حاسمة في إبقاء شركة “ليتر وان” بعيدة عن قوائم العقوبات، ولا تزال الشركة الاستثمارية تواجه قضايا تتعلق برأسمالها، إلا أن ذلك لا يقارن بالمتاعب التي كانت لتتسبب بها العقوبات.

تعتبر هذه الحالة، مثالاً بارزاً على لعبة القط والفأر المستمرة بين الحكومات الغربية وفاحشي الثراء الروس، من أمثال أليكسي مورداشوف، ورومان أبراموفيتش، الذين يُعتبرون مقربين من فلاديمير بوتين. ومع تطبيق العديد من عمليات تجميد الأصول وحظر السفر، يأتي التحدي التالي وهو التأكد من تطبيق هذه العقوبات، وهذا يشمل مليارات الدولارات، من بريطانيا وأوروبا وصولاً إلى أمريكا الشمالية.

مع دخول الحرب في أوكرانيا شهرها الثالث، تتواصل حملة الضغط التي تمارسها الحكومات الغربية، حيث يعتزم الاتحاد الأوروبي حظر النفط الخام الروسي تماماً خلال الأشهر الستة المقبلة، كجزء من الجولة السادسة من العقوبات التي ستوقف صفقات العقارات مع المواطنين والمقيمين في روسيا ومع المؤسسات الروسية أيضاً.

قال هنري سميث، الشريك في “كونترول ريسكس” (Control Risks) المتخصصة في استشارات المخاطر: “كل ذلكم نادر للغاية، وغير معروف إلى حد ما. لم نشهد منظومة عقوبات ضد اقتصاد بالحجم والنطاق والتكامل العالمي لروسيا.

تحوّل الثروة
بات تحوّل الأحداث ملحوظاً بالنسبة إلى رجل الأعمال كوسوغوف الذي كان أحد أصغر المساهمين وأقلهم شهرة في “ليتر وان”، و”إيه بي إتش” (ABH*، الشركة الأم لـ”ألفا-بنك”، قبل أسابيع فقط. استقال الرجل من مجلسي إدارة الشركتين.

لكن عمليات النقل منحته ما يقرب من حصة مسيطرة في “ليتر وان” التي لم يكن له فيها تأثير سابقاً، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، قالوا إنه لم يتمتع بأي دور نشط في إدارتها أو في اتخاذ القرارات فيها. كما إنهم في الواقع لا يتذكرون رؤيته في مكتب لندن التابع للشركة التي تتخذ من لوكسمبورغ مقراً لها.

قام كوسوغوف بتمويل شراء أسهم خان وكوزميتشيف في “ليتر وان”، من خلال سند قابل للسداد بفائدة 2% ولأجل عشر سنوات، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، أوضحوا أن القرض تم تمويله من قبل مسؤولين تنفيذيين آخرين في “ليتر وان” خاضعين للعقوبات.

قال “ألفا-بنك” بتاريخ 15 مارس، إن خان وكوزميتشيف، تنازلا عن حصصهما في أكبر بنك روسي خاص، في اليوم ذاته الذي خضعا فيه لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. كما نقل الرجلان أسهمهما في “لتر وان” قبل فرض العقوبات، على حد قول شخص مطلع على المعاملات، طلب عدم الكشف عن اسمه لعدم علنية المعلومات.

كما تعني العقوبات المفروضة على فريدمان وأفين، أن كوسوغوف هو المساهم الفرد الوحيد الذي لم يتم تجميد أصوله ومنعه من السفر في “إيه بي إتش” و”ليتر وان”.

وسيط السلطة
قال ديفيد لينغيلباخ، الذي تعامل مع فريدمان أثناء قيادته العمليات الروسية لـ”بنك أوف أمريكا” في تسعينيات القرن الماضي، إنه يصعب عليه تصوّر تخلي فريدمان عن السيطرة على “ألفا-بنك”، مصدر ثورته الرئيسي، مشيراً إلى أن كوسوغوف قد يكون “وسيطاً” للمحافظة على نفوذ الأوليغارشية.

قال لينغيلباخ، أستاذ ريادة الأعمال في جامعة بالتيمور حالياً: “إن (ألفا-بنك) هو العنصر الرئيسي في إمبراطورية فريدمان”.

لم يرد ممثل “إيه بي إتش” ومقرها لوكسمبورغ على طلبات التعليق.

بدأ كوسوغوف، المولود في إستونيا السوفيتية، في البحث عن طرق لكسب المال أثناء دراسته الجامعية، كان يمضي إجازاته الصيفية كعامل في مواقع البناء في أنحاء الاتحاد السوفيتي.

قال في مقابلة مع جامعته، معهد موسكو للطاقة، في عام 2016: “عملياً، لم تكن هناك فرص أخرى لكسب المال في ذلك الوقت”.

الاندماج الأوكراني
كان كوسوغوف من الشركاء الأوائل في “ألفا غروب” (Alfa Group) التي تأسست في عام 1990 على يد كل من فريدمان، وخان، وكوزميتشيف للإشراف على استثماراتهم.

أصبح كوسوغوف نائب رئيس مجلس إدارة “ألفا-بنك” في عام 1998، وأدار الوحدة المصرفية الاستثمارية. كما ساهم في دمج مصرفها الأوكراني وشركات الوساطة التابعة له في عام 2000، لإنشاء واحدة من كبريات المجموعات المصرفية في البلاد، وأصبح بعد ذلك رئيساً للمجلس الإشرافي في فرع أوكرانيا التابع للشركة.

بلغت حصة كوسوغوف 4% في “ألفا-بنك” في نهاية عام 2007، وتساوت حصته مع تلك التابعة لأليكس كناستر، الرئيس التنفيذي السابق للمصرف، الذي غادر الشركة لتأسيس “بامبلونا كابيتال مانيجمنت” (Pamplona Capital Management) للأسهم الخاصة، ومقرها لندن، والمرتبطة حالياً بتصفية أموال “ليتر وان”.

تُشير ملفات تسجيل الشركة الأم لـ”ألفا-بنك”، إلى أن حصة كوسوغوف فيها بلغت نحو 41% في أوائل مارس، من دون تغيير كبير عما كانت عليه قبل 15 عاماً. لكنه أصبح يسيطر على حصة 47.2% من “ليتر وان” بعد عمليات نقل أصول خان وكوزميتشيف، متجاوزاً بذلك حصة فريدمان المُجمّدة البالغة 37.9%.

الابتعاد عن الأضواء
إلى ذلك، اختفى اسم كوسوغوف، رغم عدم خضوعه للعقوبات، من الموقع الإلكتروني لـ”ليتر وان” منذ أوائل مارس، مع زملائه من المليارديرات الروس الذين أسسوا الشركة في عام 2013 من خلال عائداتهم من بيع منتج النفط الروسي “تي إن كيه-بي بي” (TNK-BP) بقيمة 55 مليار دولار، إلى شركة “روزنفت أويل” (Rosneft Oil) المملوكة للدولة.

استقال مؤسسو “ليتر وان” من مناصبهم في الشركة، وهم يخططون لتحويل الأرباح المستقبلية لدعم جهود الإغاثة في حرب أوكرانيا، في حين استقالوا من مجلس إدارة “إيه بي إتش” مؤخراً.

قال خان في بيان صادر في مارس: “نسعى أنا وشركائي لإنهاء الحرب في أقرب وقت، وسنفعل سوياً كل ما باستطاعتنا لمساعدة المتضررين”.

بوابة الاقتصاد
اثرياء روس بوابة الاقتصاد

زر الذهاب إلى الأعلى