آخر الاخباربنوك وتأمين

الروبل الروسي أمام الدولار: هل هي رحلة تعافٍ مؤقتة؟

بوابة الاقتصاد

الأسواق تراهن على تحركات البنك المركزي الأميركي وأزمة التخلف عن سداد الديون قائمة

تسببت حال الضبابية التي تسيطر على الأسواق بدعم تحركات البنك المركزي الأميركي بشأن أسعار الفائدة، في أن يلتقط الروبل الروسي أنفاسه مقابل الورقة الأميركية الخضراء، وفي تعاملات الأربعاء الرابع من مايو (أيار)،، جرى تداول الدولار الأميركي عند مستوى 66 روبلاً، في الوقت نفسه، فقد واصل مؤشر الدولار، التراجع من أعلى مستوى لم يشهده منذ 20 عاماً، بعد أن استوعب بالفعل توقعات بقيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة نصف نقطة خلال هذا الأسبوع، وحوالى 250 نقطة أساس بنهاية العام.

وتترقب أسواق العملات إعلان المركزي الأميركي مؤتمراً صحافياً بعد أن شهدت تعاملات شديدة التقلب في الأسابيع القليلة الماضية، قفز خلالها الدولار لأعلى مستوى في 20 عاماً مقابل سلة من العملات المنافسة.

الأسواق تراهن على تحركات “المركزي الأميركي”

وتراهن أسواق المال على أن البنك المركزي الأميركي سيرفع سعر الفائدة إلى ما يصل 3.6 في المئة بنهاية 2023 لكبح التضخم الذي وصل لأعلى مستوياته في 40 عاماً، وبعدما بدأ البنك دورة رفع الفائدة بالفعل في مارس (آذار) الماضي، من المتوقع أن يزيدها بمقدار 50 نقطة أساس في الوقت الحالي، علاوة على زيادتين أخريين مماثلتين في الاجتماعين المقبلين، ورفعت تلك الرهانات مؤشر الدولار خلال تعاملات الشهر الماضي بنسبة خمسة في المئة إلى أن وصل إلى 103.93 لكنه تراجع منذ ذلك الحين بنسبة 0.3 في المئة عن تلك المستويات.

وكانت قوة الدولار قد ضغطت على العملات الأخرى ودفعت اليورو في الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى في عقدين قرب مستوى 1.0469 دولار، وتم تداول اليورو عند مستوى 1.0512 دولار، وبدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي اجتماعات تستمر يومين يتوقّع أن يقرر في ختامها رفع معدّلات الفائدة بشكل كبير مع سعي السلطات لمكافحة تضّخم بلغ مستويات قياسية، وبعد الإعلان عن رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية في مارس الماضي، أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء لجنة السياسة النقدية أنه قد يتقرر رفع معدلات الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في ختام الاجتماعات الأخيرة.

وتشهد الولايات المتحدة ارتفاعاً مستمراً للأسعار، وأخيراً، عدّلت اللجنة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي آفاقها الاقتصادية ورفعت بشكل كبير توقعاتها المتعلقة بالتضخم، وبات التحرك ضرورة ملحّة في وقت يسجل التضخم الذي فاقمته الحرب الروسية الأوكرانية، أعلى مستوياته منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، وتعتبر الأدوات المتاحة للاحتياطي الفيدرالي الأميركي من الأكثر فاعلية لضبط الطلب وبالتالي إبطاء وتيرة التضخم.

الروبل يلتقط أنفاسه مقابل الدولار الأميركي

في الوقت نفسه، فقد بدأت جهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعم الروبل تؤتي ثمارها، فقد سجلت العملة الروسية أعلى مستوى لها في عامين مقابل الدولار الأميركي خلال التعاملات الأخيرة، وارتفع الروبل بعد أن أعلنت الحكومة الروسية أنها تمكنت من سداد الدائنين بالدولار في الوقت الذي تحاول فيه روسيا تجنب التخلف عن السداد، وقالت وزارة المالية، في بيان، إنها دفعت سندات أوروبية بقيمة حوالى 593.25 مليون دولار، كانت مستحقة هذا العام، بالإضافة إلى 84 مليون يورو (88.2 مليون دولار) كان من المقرر أن تستحق في عام 2024، وزعمت وزارة المالية أن كلا الدفعتين تم دفعهما بالدولار الأميركي، كما هو مطلوب بموجب شروط عقد السندات.

وفي السادس من أبريل (نيسان) الماضي، قالت روسيا إنها سددت مدفوعات تلك السندات بالروبل، ما دفع وكالة “ستاندرد أند بورز”، للإعلان بعد ثلاثة أيام أن روسيا تخلفت عن سداد التزامات ديونها الخارجية، وعلى الرغم من أن المدفوعات بالدولار قد تأخرت بالفعل، فإن التأخر في سداد روسيا بالدولار يمثل محاولة أخيرة لتجنب التخلف عن السداد.

وتأتي مدفوعات السندات عادة مع فترة سماح مدتها 30 يوماً، وبالنسبة لمدفوعات السندات، تنتهي فترة السماح في الرابع من مايو الجاري، وحتى الآن، ليس من الواضح إذا كانت وكالة “ستاندرد أند بورز”، قد غيرت رأيها بشأن التخلف عن السداد في روسيا، وبسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، فقد سحبت وكالة التصنيف الائتماني تصنيفها للديون الروسية في 15 أبريل.

احتياطات ضخمة بـ 315 مليار دولار

وروسيا لديها المال لتسديد ديونها، لكنها لا يمكنها الوصول إلى حوالى نصف هذه الأموال بعد أن فرض الغرب عقوبات غير مسبوقة على الاحتياطات الأجنبية، والتي يبلغ مجموعها حوالى 315 مليار دولار، لكن يبدو أن روسيا وجدت طريقة لسداد ديون بمئات الملايين من الدولارات من دون الوصول إلى احتياطاتها المجمدة، وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية إن الدفعة ربما أتت من كومة جديدة من الأموال، لأنها لم ترفع قيودها على الدولارات الروسية التي تفرض عقوبات عليها، وفقاً لـ “رويترز”.

ودفعت الأنباء الروبل الروسي، الذي ظل في ارتفاع لمدة شهرين، إلى أعلى مستوى في عامين مقابل الدولار الأميركي، ويمكن للدولار الواحد أن يشتري نحو 66 روبلاً في التعاملات الأخيرة، وهو أقل من نصف الرقم الذي يمكن أن يشتريه في أوائل مارس، وفي ذروته، في السابع من مارس، تم تداول الروبل عند 135 مقابل الدولار.

وتمكنت روسيا من دعم الروبل على الرغم من العقوبات العالمية من خلال رفع أسعار الفائدة، ومنع الوسطاء الروس من بيع الأوراق المالية التي يحتفظ بها الأجانب والمطالبة بدفع تسليمات الغاز والنفط بالروبل، إلى جانب إجراءات أخرى، وسمحت هذه الإجراءات لموسكو بزيادة الطلب على الروبل بشكل مصطنع، حتى مع بقاء اقتصاد البلاد في حال يرثى لها. وتمكنت البلاد منذ ذلك الحين من تقليص ارتفاعاتها الهائلة في أسعار الفائدة، بما في ذلك خفض مفاجئ آخر لسعر الفائدة يوم الجمعة.

مأزق جديد بشأن التخلف عن سداد ديون

ومن المقرر أن يبدأ، أمس الأربعاء، موعد استحقاق مدفوعات على سندات أجنبية لمستثمرين وتجنّب التخلف عن السداد، في اختبار جديد لصراعها مع العقوبات المفروضة عليها، وتنتهي فترة السماح لتحويل نحو 682.5 مليون دولار من مدفوعات الفوائد والديون الأساسية في الرابع من مايو، بعد أن تمّ حظر تحويل الأموال مبدئياً في أوائل أبريل، وكان أول تخلّف عن سداد ديون خارجية لروسيا منذ أكثر من قرن يبدو شبه مؤكد إلى أن أعلنت وزارة المالية الروسية، أواخر الأسبوع الماضي، أن السيولة بدأت تتحرك أخيراً عبر النظام المالي.

ومع ذلك، لا يزال يتعين على المدفوعات الدولارية إكمال الخطوات النهائية، إذ لم يتم وصولها بعد إلى إحدى غرف المقاصة حتى بعد ظهر يوم الاثنين بتوقيت أوروبا، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على الأمر طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له مناقشة الموضوع، لكن هذه الإرهاصات ناجمة عن العقوبات المالية والاقتصادية واسعة النطاق المفروضة على روسيا بعد غزو أوكرانيا، وتشمل عقوبات على عدد من أكبر البنوك في البلاد، ومصادرة الأصول، وتجميد الاحتياطيات الأجنبية للبلاد، وبدأ العد التنازلي للتخلّف عن السداد عندما أوقف “جي بي مورغان” المدفوعات على السندات الروسية بموجب أوامر من وزارة الخزانة الأميركية، وحاولت روسيا الالتفاف على المشكلة من خلال الدفع بالروبل، لكن وكالات التصنيف وصفت ذلك بأنه انتهاك لشروط طرح السندات مع اقتراب فترة السماح البالغة 30 يوماً.

واستغلت روسيا حيازاتها المحلّية بالدولار، وأعلنت، يوم الجمعة، أنها حوّلت الأموال إلى وكيل الدفع الأجنبي الخاص بها، ويتناسب هذا مع أهداف وزارة الخزانة الأميركية، التي تسمح بالتحويل لأنه يجبر روسيا على التنازل عن احتياطاتها التي يمكن استخدامها لتمويل المجهود الحربي.

بوابة الاقتصاد
الروبل الروسي بوابة الاقتصاد

زر الذهاب إلى الأعلى