آخر الاخبارمنوعات

معادلة صعبة أمام الفيدرالي الأمريكي .. احتواء التضخم دون الغرق في الركود

بوابة الاقتصاد

يقف مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” أمام معادلة صعبة تتعلق بنسب الفائدة، وإلى أي حد ينبغي رفعها خلال العام الحالي لاحتواء التضخم دون إغراق أكبر اقتصاد عالمي في الركود.
ووفقا لـ”الفرنسية”، من شأن رفع نسب الفائدة ضبط الطلب وإبطاء ارتفاع الأسعار، وفي آذار (مارس) الماضي باشر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع هذه النسب بشكل حذر مع زيادة قدرها 0.25 نقطة مئوية كانت الأولى منذ 2018.
وفي ختام اجتماع يستمر يومين غدا وبعد غد، يتوقع أن تقر لجنة السياسة النقدية هذه المرة زيادة 0.50 في المائة. وكان جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي قد أعلن شخصيا أن هذه الزيادة “ستكون مطروحة للبحث”.
وقال خلال ندوة لحكام البنوك المركزية على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي، إنه من الضروري جدا إحلال استقرار في الأسعار ورفع نسب الفائدة سريعا.
وذهب بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى حد التشديد على ضرورة اعتماد سياسة تدريجية في مواجهة التضخم المستمر في الارتفاع وإزاء سوق العمل التي تشهد توترا.
ويدعو البعض إلى إقرار زيادات مماثلة خلال الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في حزيران (يونيو) المقبل.
والتحرك بات ضرورة ملحة، فيما يسجل التضخم الذي فاقمته الحرب الروسية – الأوكرانية، أعلى مستوياته منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
وأظهر مؤشر “بي سي إي” PCE – الذي يعتمده الاحتياطي الفيدرالي معيارا – ارتفاعا في الأسعار بنسبة 6.6 في المائة، في آذار (مارس) بمعدل سنوي. أما المؤشر الآخر “سي بي آي” CPI، الذي يعتمد طريقة حساب مختلفة، فأظهر أن التضخم بلغ 8.5 في المائة، وهي أعلى زيادة منذ كانون الأول (ديسمبر) 1981. ويجد مسؤولو المؤسسة المالية الأمريكية أنفسهم على حبل مشدود.
فبموازاة الضغوط التضخمية، التي تغذيها الإغلاقات الأخيرة في الصين، التي فاقمت من مشكلات سلاسل التوريد العالمية، يسجل النمو تباطؤا في العالم.
وتعد الأدوات المتاحة للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من الأكثر فاعلية لضبط الطلب وإبطاء وتيرة التضخم تاليا. فإلى جانب نسب الفائدة يتوقع أن يقر البنك المركزي الأمريكي بدء خفض خطط شراء الدين الضخمة، التي تعد مرحلة أخرى رئيسة في عودة الوضع إلى طبيعته.
وينبغي لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إقامة توازن دقيق من خلال تهدئة الطلب دون لجمه، لأن الاستهلاك يبقى المحرك الرئيس للنمو الأمريكي. وقد تراجع إجمالي الناتج المحلي الأمريكي 1.4 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي.
إلا أن جريجوري داكو كبير خبراء الاقتصاد في “إي بارثينون” يرى أن ذلك لا يستلزم تغييرا في وجهة البنك المركزي الأمريكي مشيرا إلى الطلب الداخلي القوي جدا.
وشدد خلال مقابلة صحافية “الأمريكيون يسافرون مع أن بطاقات السفر مرتفعة الثمن ويذهبون إلى السينما والمسارح فيما المطاعم ممتلئة”.
وعلى غرار كثير من خبراء الاقتصاد، توقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي نسب الفائدة بنصف نقطة مئوية خلال اجتماع الأربعاء والاجتماع المقبل في حزيران (يونيو) المقبل.
وفيما لا يعد الركود وشيكا، لا يستبعد بعض الخبراء حصول ذلك مطلع العام المقبل في حال بقيت الأسعار مرتفعة رغم زيادة نسب الفائدة.
وقال جريجوري باكو “عمل الاحتياطي الفيدرالي معقد جدا بسبب الظروف الاقتصادية الداخلية، التي يصعب فهمها، فضلا عن إطار الانتعاش الاقتصادي العالمي المتفاوت”.
وسيسأل جيروم باول خلال المؤتمر الصحافي الاعتيادي، الذي يعقده بعد ظهر الأربعاء المقبل، بالتأكيد عن الزيادات المحتملة على نسب الفائدة، التي تنوي اللجنة النقدية إقرارها خلال العام الراهن.
وشدد جريجوري باكو “في حال أراد الاحتياطي الفيدرالي فعلا حصول عملية هبوط هادئة” أي بكلام آخر تشديد السياسة النقدية من دون إغراق الاقتصاد في ركود “يجب أن يشير إلى مكان وجود مدرج الهبوط ومتى يتوقع الوصول إليه ما يشكل عنصرا أساسيا”.
لكن خبراء الاقتصاد في “بي إن بي باريبا” يعدون أنه “من غير المرجح أن يكشف جيروم باول رقما محددا أو مستوى نسب الفائدة الذي يطمح إليه الاحتياطي الفيدرالي خلال الاجتماع الحالي.
وزاد الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في آذار (مارس) وسط طلب قوي على الخدمات، بينما ارتفع التضخم الشهري بأكبر قدر منذ 2005.
وقالت وزارة التجارة أخيرا، إن الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأمريكي، ارتفع 1.1 في المائة الشهر الماضي، وتم تعديل بيانات شباط (فبراير) بالزيادة لتظهر ارتفاع الإنفاق 0.6 في المائة، وليس 0.2 في المائة، كما ورد سابقا.
وكان اقتصاديون، استطلعت آراؤهم، قد توقعوا زيادة الإنفاق الاستهلاكي 0.7 في المائة. ويعود جزء من زيادة الإنفاق إلى ارتفاع الأسعار. ومع ذلك يتجه إنفاق المستهلكين إلى الربع الثاني بزخم قوي، ما يظهر قوة العوامل الأساسية للاقتصاد.
يأتي ذلك في وقت سجل فيه النمو الأمريكي تراجعا غير متوقع في الربع الأول من العام، مع تقلص الناتج المحلي الإجمالي 1.4 في المائة، لكن الاقتصاد “لا يزال قويا”، كما قال جو بايدن، مستشهدا بعوامل “فنية” لتفسير هذا التراجع.
واحتسب معدل الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في العالم على أساس سنوي، لكن مقارنة بالربع الأخير فقط، بلغ الانخفاض 0.4 في المائة، وفقا لبيانات وزارة التجارة، هذا في حين توقع المحللون نموا 1.1 في المائة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى