اندبندنت: ماذا يعني طرح شركات الجيش المصري في البورصة؟
بوابة الاقتصاد
محللون: خطوة إيجابية للغاية تحتاج إلى تفعيل
أكدت الدولة المصرية جديتها في طرح الشركات المملوكة للجيش بسوق الأوراق المالية قبل نهاية العام الحالي، في إطار خطة شاملة لمشاركة القطاع الخاص في إدارة الأصول المملوكة لها، لتوسيع قاعدة رأس المال من جانب، وجذب رؤوس أموال أجنبية من خارج البلاد من ناحية ثانية.
الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تطرق إلى طرح شركات تابعة للقوات المسلحة بالبورصة في مناسبتين على مدى ثلاث سنوات. المرة الأولى كانت تلميحاً عندما دافع خلال افتتاح أحد المشروعات القومية في نوفمبر (تشرين الثاني) ضد مزاعم البعض حول سيطرة الجيش المصري على الاقتصاد المحلي، قائلاً “الجيش لا يزيد نطاق عمله على ثلاثة في المئة من حجم الناتج القومي”، مبرراً طرح الشركات المملوكة للقوات المسلحة المصرية في البورصة بقوله “حتى يمكن للمواطنين شراء أسهم بها”.
وما كان تلميحاً قبل ثلاث سنوات أضحى تأكيداً، عندما أكد الرئيس المصري، مساء الثلاثاء الماضي، على هامش “إفطار الأسرة المصرية”، بدء طرح حصص من شركات مملوكة للدولة والقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام الحالي، ضمن برنامج الطروحات الحكومي.
وفي عام 2017، أعلنت القاهرة برنامجاً وطنياً لطرح حصص من شركات عامة مملوكة للدولة في البورصة، ولم تطرح الحكومة في خمس سنوات سوى حصص من ثلاث شركات مملوكة للدولة مدرجة بالفعل في سوق الأوراق المالية.
وطرحت القاهرة نحو 4.5 في المئة من أسهم الشركة الشرقية للدخان “إيسترن كومباني” في مارس (آذار) 2019، ثم بعد 31 شهراً طرحت شركة “إي فاينانس” التي تعمل في قطاع الخدمات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، قبل أن تطرح نحو عشرة في المئة من أسهم شركة أبو قير للأسمدة في ديسمبر (كانون الأول) 2021.
وفي يناير (كانون الثاني) أجاب رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي عن سؤال في حوار مع إذاعة “بي. بي. سي” حول تقرير صادر عن البنك الدولي أشار إلى أن هناك نحو 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة في مصر، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات، قائلاً “إن كل دول العالم دائماً تدخل في استثمارات في قطاعات استراتيجية، الدولة تراها من وجهة نظرها تمس الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي، ونحن درسنا كل التجارب العالمية بهذا الشأن”. وأكد مدبولي أن حجم المؤسسات التابعة للقوات المسلحة أقل من واحد في المئة من حجم الاقتصاد المصري.
اتجاه الدولة إلى طرح شركاتها العامة، علاوة على طرح شركات مملوكة للجيش المصري، خلق حالة من التفاؤل بين المحللين والمتخصصين الذين تحدثت إليهم “اندبندنت عربية” على الرغم من قائمة الاشتراطات المطولة التي وضعوها من جانبهم، لتحقيق تلك الخطوة النتائج والأهداف المرجوة.
تهيئة 10 شركات تابعة للجيش
من جانبها، قالت نائب رئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، نيفين الطاهري، إن هناك نحو عشر شركات تابعة لجهاز الخدمة الوطنية، التي تديره القوات المسلحة، سيجري تهيئتها لتكون جاهزة للطرح، أبرزها وأقربها للطرح في القريب العاجل شركتا وطنية للخدمات البترولية وصافي للمياه المعدنية.
وأكدت الطاهري أن دور الصندوق السيادي هو اختيار الشركات وتهيئتها والترويج لها أمام المستثمرين، ولفتت إلى أن طرح تلك الشركات بجانب الشركات العامة “سيخلق مناخاً جيداً للاستثمار خلال الفترة المقبلة”.
ويمتلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة أكثر من 30 شركة في قطاعات مواد البناء والمواد الغذائية، والتعدين، والبتروكيماويات.
وأعلن رئيس صندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، في تصريحات صحافية أمس عن عقد اجتماع بعد إجازة عيد الفطر، لشرح خطة عمل صندوق مصر السيادي والمشروعات الجديدة التي يعمل عليها الصندوق خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد تواصلاً كبيراً مع مجتمعات المال والأعمال والمجتمع المصري، لتوضيح توجهات الدولة نحو طرح الشركات الحكومية وشركات الجيش المصري بالبورصة.
خطوة جيدة تتطلب خطوات أخرى
رئيس قطاع البحوث بالجامعة الأميركية في القاهرة، هاني جنينة، قال إن توجهات الدولة حول الإفصاح والشفافية، خصوصاً في ملف طرح شركات الجيش “خطوة جيدة نحو تعزيز الإفصاح والشفافية، وهو ما سيجذب معه المستثمرين العرب والأجانب إلى جانب المصريين”. مستدركاً، “لكن هناك خطوات أخرى”.
وأوضح جنينة أن تحقيق الغرض من طرح الشركات العامة “يتطلب خطوات أخرى، وأولها حوار مجتمعي تشارك فيه أطراف سوق المال المحلية، يضم الهيئة العامة للرقابة المالية وإدارة البورصة والشركات والمستثمرين والعاملين”. مؤكداً أننا أمام “فرصة ذهبية لتحقيق الأهداف المرجوة. لكن الأمر لا يرتبط فقط بالطروحات الحكومية على أهميتها، لكن لا بد أن يتضمن كل تفاصيل التداول، وتحفيز الشركات على القيد وتشجيع المستثمرين”.
ورحب المتخصص في الاقتصاد، هاني توفيق، بخطوات الدولة أخيراً قائلاً “تخارج الدولة من الاستثمار، ولو بشكل تدريجي وتشجيع القطاع الخاص، والاستثمار الأجنبي المباشر أصبح ضرورياً”.
وأكد توفيق أن تحقيق مطالب الدولة، التي أعلنها الرئيس المصري في حفل إفطار الأسرة المصرية، “يتطلب عملاً كبيراً من الحكومة”. مطالباً بمزيد من المتابعة اليومية مع الحكومة والجهات ذات الصلة، لتحويل تلك التوجيهات إلى “تكليفات مباشرة لأشخاص محددة، يعقبها برامج للتنفيذ السريع. أخشى أن تنتهي تلك التوجهات المحمودة إلى طي النسيان”.
إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية
قالت عضو مجلس إدارة البورصة، رانيا يعقوب، إن هناك “أزمات وسلبيات تدور في السوق المحلية. وعلاجها سيضمن تحقيق الأهداف من طرح الشركات العامة وشركات الجيش في سوق المال”، مشيرة إلى أن الطرح في ظل وجود سلبيات “لن يثمر عن شيء، وسيبقى طرح تلك الشركات في البورصة مجرد رقم يضاف إلى عدد شركات القيد المدرجة”.
وطالبت يعقوب بـ”إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية، التي عاد العمل بها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي أكثر القرارات التي أثرت سلباً في البورصة منذ بداية العام الحالي”. وتساءلت “الخسائر هي عنوان المستثمرين في الفترة الأخيرة، فما الأرباح التي سيدفعون عنها ضرائب. لا بد من تشجيع الشركات على القيد في البورصة من خلال منحها مزايا وحوافز ضريبية للشركات المقيدة”.
هل تستعيد البورصة بريقها؟
ومن جانبها، قالت المتخصصة في شؤون أسواق المال، حنان رمسيس، إن طرح الشركات العامة وشركات الجيش “سيؤثر إيجابياً في أداء البورصة المصرية”. وأوضحت، في تصريحات صحافية، أن ذلك سيمنح السوق المالية المحلية أهميتها كمنصة للتمويل، وكمساهم في النمو الاقتصادي، ومصدر من مصادر زيادة احتياطي النقد الأجنبي.
وتوقعت أن تستعيد السوق المحلية بريقها الخافت كوجهة تستطيع جذب الاستثمارات العربية والأجنبية، وهو ما يحفز المستثمرين على الإقدام على الحصول على حصصهم من المشروعات في الدولة، وأشارت إلى أن ذلك سيشارك في رفع القدرة التنافسية لمشاريع الدولة.
وقال المتخصص الاقتصادي في مؤسسة غولدمان ساكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فاروق سوسة، إن التقارير التي تشير إلى اعتزام الحكومة إدراج شركات مملوكة للجيش في البورصة المصرية قبل نهاية هذا العام “تعد خطوة إيجابية، ويمكن أن تساعد في زيادة استثمارات القطاع الخاص في الاقتصاد”.
وأشار إلى أن الدور الموسع للدولة في الاقتصاد كان أحد أكبر القيود أمام الاستثمار الخاص، لافتاً إلى أن أي خطوات لتغيير هذا ستكون “إيجابية للغاية” بالنسبة إلى معنويات المستثمرين وفقاً لوكالة “بلومبيرغ”. نقلا عن اندبندنت