خطورة عبء الدين العالمي تتطلب تعاونا حاسما «2 من 2»
بوابة الاقتصاد
فيتور جاسبار / جيلا بازارباشيوجلو
هناك مخاطر أن تؤدي المستويات المرتفعة غير المسبوقة من الديون، إلى اتساع فروق أسعار الفائدة في الدول ذات الأساسيات الاقتصادية الأضعف، ما يرفع تكاليف اقتراضها. علاوة على ذلك، ورغم أن التضخم المفاجئ قد يخفض نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي على المدى القصير، إلا أن التضخم المستمر وتقلبه، يمكن أن يرفعا تكلفة الاقتراض في نهاية الأمر. ويمكن أن تحدث هذه العملية بسرعة في الدول التي لديها ديون ذات آجال استحقاق قصيرة.
في الاقتصادات المتقدمة تتوقع عودة النشاط الاقتصادي والرصيد الأولي والإنفاق والإيرادات بحلول عام 2024 إلى مستويات قريبة من التوقعات التي سادت قبل جائحة كورونا. لكن الوضع في الدول النامية مثير للقلق بدرجة أكبر بكثير. وتواجه الاقتصادات الصاعدة، ومنخفضة الدخل، على حد سواء، خسائر دائمة في إجمالي الناتج المحلي والإيرادات. ويدل ذلك على أن الإنفاق الأولي سيظل أقل بصفة مستمرة نتيجة للجائحة، ما يدفع إلى مزيد من تأخر الدول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتشكل هذه المسألة مصدر قلق عالمي.
ويزيد الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والغذاء من وطأة هذه الضغوط على أفقر السكان وأكثرهم تعرضا للمخاطر. فالغذاء يمثل ما يصل إلى 60 في المائة من استهلاك الأسر المعيشية في الدول منخفضة الدخل. وتواجه هذه الدول مجموعة متفردة من العوامل: حيث تتداخل الاحتياجات الإنسانية الماسة مع القيود المالية بالغة التشدد. وفي حالة الدول منخفضة الدخل التي تعتمد على استيراد الوقود والغذاء، قد تقتضي الصدمة تقديم مزيد من المنح والتمويل بشروط ميسرة إلى حد كبير لسد احتياجاتها الأساسية مع دعم الأسر المحتاجة.
وتزداد الأوضاع المالية العالمية ضيقا في الوقت الراهن مع إقدام البنوك المركزية الكبرى على رفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم. وفي معظم الأسواق الصاعدة، وصلت فروق أسعار الفائدة على السندات السيادية بالفعل إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة. وتتفاقم الضائقة الائتمانية بسبب تراجع الإقراض الخارجي من الصين، التي تواجه مخاوف بشأن الملاءة في قطاع العقارات، وتوسيع إجراءات الإغلاق العام في شنغهاي ومدن رئيسة أخرى، والتحول إلى نموذج نمو جديد، ومشكلات مقترنة بالقروض الحالية المقدمة إلى دول نامية.
يرجح إجراء عمليات لإعادة هيكلة الديون على نحو أكثر تكرارا وستتعين معالجة مزيد من تحديات التنسيق المعقدة أكثر مما مضى نتيجة لزيادة التنوع في مشهد الدائنين. ومن شأن وضع آليات لإعادة الهيكلة بصورة منظمة أن يحقق مصلحة الدائنين والمدينين على حد سواء.
وبالنسبة للدول منخفضة الدخل انتهت مدة مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين في نهاية 2021، وهناك حاجة إلى إجراء تحسينات. وينبغي استكشاف الخيارات المتاحة لمساعدة المجموعة الأوسع من الاقتصادات الصاعدة والنامية غير المؤهلة للاستفادة من الإطار المشترك، لكنها من المرجح أن تفيد من وجود منهج تعاوني على مستوى العالم في الفترة المقبلة. أما التخبط للوصول إلى الهدف فسيزيد التكاليف والمخاطر على المدينين والدائنين بشكل كبير، ويؤثر سلبا في الاستقرار والرخاء في العالم بوجه أعم. وفي نهاية الأمر، سيكون تأثيره أشد حدة في الأسر الأقل قدرة على التحمل.
ومع تصاعد مخاطر الديون السيادية وعودة القيود المالية مجددا إلى صدارة الاهتمام على صعيد السياسات، لا بد من اتخاذ منهج تعاوني عالمي للوصول إلى تسوية منظمة لمشكلات الدين، ومنع التوقف عن السداد دونما داع. ويجب أن يمثل ذلك انعكاسا متوازنا لآراء المدينين والدائنين ومصالحهم.
المصدر الاقتصادية