آخر الاخبارمنوعات

هل سيتحمل الاقتصاد الصيني وطأة عواقب سياسة صفر كوفيد؟

بوابة الاقتصاد

توم ميتشل من سنغافورة
كانت التوقعات الاقتصادية للصين عسيرة بالفعل في بداية العام، في الوقت الذي انتشرت فيه آثار حملة الرئيس شي جين بينج الصارمة المفروضة على صناعة العقارات وغيرها من الصناعات عالية النمو عبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
لكن المشهد تدهور قبل نشر المكتب الوطني للإحصاء في 18 نيسان (أبريل) لتقديراته بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول. في غضون ذلك، تتصدى إدارة شي لكابوس كوفيد- 19 الذي شدد خناقه على بعض أكبر مدن البلاد خلال الأشهر الماضية.
سيتضمن البيان الإحصائي الإثنين المقبل عينة صغيرة فقط من الاضطرابات الناجمة عن عمليات الإغلاق في شنغهاي، المدينة الأكثر اكتظاظا بالسكان في الصين والمركز المالي والتصنيعي الأهم فيها، التي لم تصبح منطقة أزمة كاملة حتى نهاية آذار (مارس).
في السابق، كانت الاضطرابات واسعة النطاق تتركز في مدينة شيآن الشمالية، التي شهدت ارتفاعا في حالات الإصابة في كانون الثاني (يناير)، وأخيرا في مقاطعة جيلين، مركز مهم للإنتاج الزراعي والسيارات.

الاقتصاد الصيني بوابة الاقتصاد


كانت الآثار الشاملة المترتبة على عمليات الإغلاق في شنغهاي أكبر بكثير من تلك في شيآن أو جيلين، لذلك بغض النظر عن مدى سوء أرقام الربع الأول، من المحتمل أن تزداد سوءا في الأشهر المقبلة. فيما يلي خمسة أمور تجب مراقبتها في بيان الإثنين.
ما مدى واقعية هدف النمو السنوي الرسمي للحكومة البالغ 5.5 في المائة؟
عندما أعلن رئيس الوزراء لي كيتشيانج هدف 5.5 في المائة في افتتاح الدورة البرلمانية السنوية للصين في الخامس من آذار (مارس)، شعرت الأغلبية العظمى من المحللين أنه كان عدائيا، ولا سيما في ضوء تعهداته المتكررة بعدم اللجوء إلى “الحوافز المتدفقة” إضافة إلى “إبقاء نسبة الدين الكلي الوطني مستقرة بشكل عام”.
نما الناتج الاقتصادي الصيني 4 في المائة على أساس سنوي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2021، بانخفاض من 4.9 في المائة في الربع السابق.
راهن نائب رئيس الوزراء ليو هي، المستشار المالي والاقتصادي الأكثر ثقة عند شي، بسمعته على الحفاظ على الانضباط وعدم السماح لمستويات الديون بالارتفاع كما حصل خلال نوبة استثمارية أطلقتها بكين في أعقاب الأزمة المالية العالمية في 2008 -2009.
لكن من الواضح الآن أن كلا من لي وليو يشعران بالقلق بشأن صحة الاقتصاد وعافيته. حيث قام ليو بتدخل نادر في آذار (مارس) لتعزيز الثقة بالاقتصاد وأسواق الأسهم، التي اضطربت بسبب مزيج من عمليات إغلاق كوفيد والآثار التضخمية للأزمة في أوكرانيا.
هل ستتغلب سياسة صفر كوفيد على المخاوف بشأن الاقتصاد؟
أصبح نجاح نهج الصين في إدارة صفر كوفيد في 2020 و2021 جزءا أساسيا من إرث شي السياسي، ومبررا لسعيه لولاية ثالثة كرئيس للحزب، والدولة والجيش.
قال شي مرارا وتكرارا إنه ينبغي للمسؤولين المحليين تحقيق صفر كوفيد مع ضمان الحد الأدنى من الاضطراب للاقتصاد وحياة الناس. حاولت شنغهاي في البداية تحقيق ذلك عبر عزل نصف سكانها لمدة خمسة أيام، تليها خمسة أيام للنصف الآخر.
لكن نهج التسوية لم يكافح عدوى المتحور أوميكرون. عدد الحالات اليومية في شنغهاي تجاوز 20 ألف حالة، تبع ذلك عملية إغلاق فعلية على مستوى المدينة دون وجود استراتيجية خروج واضحة.
تلجأ المدن الأخرى، التي فيها عدد قليل من حالات الإصابة اليومية، الآن إلى قيود وقائية وعمليات إغلاق شاملة. تشير تقديرات إرنان كوي من شركة جافيكال دراجونوميكس الاستشارية في بكين إلى أن نحو ثلاثة أرباع أكبر 100 مدينة صينية، التي تمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي الوطني، تفرض قيودا متعلقة بكوفيد.
باستثناء الإشارة الواضحة من شي إلى أن حماس صفر كوفيد قد تمادى كثيرا، سيستمر الاقتصاد بتحمل وطأة عواقبه. في الأربعاء، كرر شي أنه لن يكون هناك أي تخفيف ملحوظ في السياسة.
ما حجم الضربة التي يتلقاها الاستهلاك؟
تجعل عمليات الإغلاق من الصعب على الناس الخروج وشراء البضائع الاستهلاكية والسيارات حتى الشقق السكنية، ما يؤدي إلى عواقب يمكن التنبؤ بها على الاقتصاد.
كانت مبيعات السيارات تعاني قبل أن تعلن شنغهاي عمليات إغلاقها الجزئية في 26 آذار (مارس)، وأنهت الشهر بانخفاض 12 في المائة تقريبا على أساس سنوي. توقعات حدوث انتعاش في نيسان (أبريل) ليست مشرقة بالنظر إلى القيود المفروضة في شنغهاي وجيلين، وكلاهما مركزان كبيران للسيارات.
كما كانت مبيعات العقارات في حالة ركود قبل عمليات الإغلاق في الصين في آذار (مارس). تراجعت أسعار المنازل الجديدة بشكل طفيف في شباط (فبراير) مقارنة بكانون الثاني (يناير)، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المحلية في جميع أنحاء البلاد لتعزيز المبيعات، إضافة إلى أول خفض في معدل الإقراض العقاري القياسي في الصين منذ 2020.
هل ستلجأ الحكومة إلى تدابير تحفيزية خفية لتعزيز الاقتصاد؟
ارتفع إجمالي التمويل الاجتماعي، مقياس واسع للائتمان في الاقتصاد الصيني، 38 في المائة على أساس سنوي في آذار (مارس) إلى 4.65 تريليون رنمينبي “730 مليار دولار”، مقارنة بالتوقعات السابقة بارتفاع قدره 8 في المائة.
كان ذلك تكرارا لما حدث في آذار (مارس) 2020، عندما وصل إجمالي التمويل الاجتماعي بعد فترة وجيزة من تفشي الجائحة في وسط الصين إلى 5.18 تريليون رنمينبي.
قدمت المصارف الصينية قروضا بلغ مجموعها 3.1 تريليون رنمينبي في آذار (مارس)، أي نحو 2.5 ضعف رقم شباط (فبراير).
هل يوشك صبر المستثمر الأجنبي على النفاد؟
هذا الأسبوع، حذر يورج ووتكي، رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، من أن تكرار تفشي المرض وردود الفعل الصارمة من قبل السلطات “يقوض ثقة المستثمرين الأجانب في السوق الصينية”.
وفقا للاستطلاعات الأخيرة للمستثمرين الألمان في الصين، أفاد نصف المشاركين أن سلاسل الإمداد الخاصة بهم “معطلة تماما أو تأثرت بشدة”، في حين قال ثلثهم إن عمليات التصنيع الخاصة بهم تضررت بشكل مشابه.
قال ووتكي، “إن متغير أوميكرون يطرح تحديات جديدة يبدو أنه لا يمكن التغلب عليها عبر الطرق القديمة كإجراء الفحوص على نطاق واسع والعزل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى