آخر الاخباراستثمار

المستثمرون يتخبطون في سوق مشوشة بحثا عن الإجابات

بوابة الاقتصاد

في إحدى ميمات الإنترنت، يجلس كلب كرتوني منتفخ العينين يرتدي قبعة صغيرة وهو يرتشف من كوب على طاولة، وتحيط به ألسنة اللهب. يقول لنفسه، “لا بأس بهذا”. الأسواق المالية لديها حالة مماثلة الآن – يعرف المستثمرون أن هناك خطأ ما، لكنهم يواصلون العمل بغض النظر.
دائما ما يكون الاستطلاع الشهري لمديري الصناديق الذي يجريه “بنك أوف أمريكا” طريقة مفيدة لاختبار الحالة المزاجية. المستجدات في نيسان (أبريل) تعكس حالة الكلب السابق بدقة إلى حد ما.
أظهر الاستطلاع أن نحو 71 في المائة من المستثمرين يتوقعون ضعف الاقتصاد على مدى الأشهر الـ12 المقبلة. إنها القراءة الأكثر تشاؤما على الإطلاق بشأن البيانات التي تعود إلى 1995 – ولا تتطابق حتى مع آذار (مارس) 2020 والأزمة المالية في 2008. أغلبية واضحة من المستثمرين – 64 في المائة – يتوقعون تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للأسهم الأمريكية إلى أقل من أربعة آلاف نقطة، انخفاض 10 في المائة عن المستويات الحالية، قبل أن يتجاوز خمسة آلاف نقطة.
تتزايد حدة المخاوف أيضا من أن يفسد محافظو البنوك المركزية المزعجون مزاج السوق مع الانسحاب المفرط للحوافز. كما أن تصورات المخاطر النقدية على استقرار الأسواق المالية عند مستوى قياسي مرتفع. يتوقع مديرو الصناديق في الاستطلاع الحالي أن يشهدوا ارتفاعات في المتوسط بمعدل 7.4 من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا العام، ارتفاعا من 4.4 في آذار (مارس). يتوقع البعض ارتفاعا في المعدل يصل إلى 12 نقطة في هذه الدورة، أو حتى أكثر.
إضافة إلى ذلك، أي شخص يخبرك أنه يعرف كيف أن عملية تقليص الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي ستكون مفيدة للأسواق هو تخمين في أحسن الأحوال، وكذبة في أسوأ الأحوال.
من الصعب تحسين صورة كل هذا. مع ذلك، كما يشير بنك أوف أميركا، “لا يزال عدم الترابط بين النمو العالمي وتخصيص الأسهم مذهلا”. على مدار الشهر، بطريقة ما، “أصبح المستثمرون أكثر تفاؤلا قليلا بشأن الأسهم”، مع ارتفاع نسبة مديري الصناديق الذين يقولون إنهم يزيدون الأسهم ذات الوزن الترجيحي الأكبر.
فابيانا فيديلي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في الأسهم في “إم آند جي”، من بين الذين يشعرون أن هناك خطأ ما. تقول: “تبدو السوق مشوشة”.
من أسبوع إلى آخر تقريبا، يتحول المستثمرون من تفضيل الأسهم في قطاعات مثل المصارف والطاقة – ما يسمى بأسهم القيمة التي تستفيد بشكل نموذجي من بيئة التضخم المرتفع – إلى أسهم النمو السريع في شركات التكنولوجيا التي تستفيد من النمو الكبير وتشعر بالراحة لانخفاض أسعار الفائدة.
تقول فيديلي إن هذا الارتفاع والانخفاض بين أسهم النمو والقيمة “يجعلني أشعر بأنني أقل إيجابية فيما يتعلق بالأسهم، إن لم أكن أتوخى الحذر التام”. إنها محايدة بالنسبة إلى الأسهم قصيرة الأجل، حيث تشعر بالقلق، من بين أمور أخرى، من تراجع طلب المستهلكين تحت ضغط ارتفاع الأسعار.
“كان العام الماضي متفائلا حقا بالنسبة إلى الأسهم. الآن لا أرى أن الأمر بتلك السهولة” كما تقول، خاصة منذ أن أدت الأزمة في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية عن المستويات المرتفعة بالفعل. “هناك كثير من الأمور التي يمكن أن تحدث بشكل خاطئ. يبدو أن الأسواق متساهلة للغاية. نحن في بيئة نمو متدهورة. يبدو على الأرجح أن لدينا نموا ستتم مراجعته لخفض توقعاته – النمو الاقتصادي ونمو الأرباح – والتقييمات لا تعكس ذلك”.
بيانات التضخم هذا الأسبوع من الولايات المتحدة أضافت إلى الشعور بأن المستثمرين يعرفون أن اللعبة قد انتهت. بلغ التضخم العام أعلى مستوياته خلال أربعة عقود عند 8.5 في المائة. لكن التضخم الأساسي، الذي يستبعد المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، ارتفع 0.3 في المائة فقط على أساس شهري. نعم، لا يزال هذا يترك المعدل السنوي مذهلا عند 6.5 في المائة، لكنه يعد أضعف الارتفاعات الشهرية منذ أيلول (سبتمبر) ويقدم بصيصا من الأمل في أن المرحلة الأكثر قسوة من دورة التضخم قد تكون وراءنا، وربما تسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بالتباطؤ في رفع أسعار الفائدة. تراجعت أخيرا أسعار السيارات المستعملة، التي فرضت ضغطا تصاعديا كبيرا على التضخم خلال العام الماضي أو نحو ذلك.
من المنطقي التفكير في أن هذا قد يؤدي إلى انخفاض عائدات الديون الأمريكية طويلة الأجل. لكن ليس هذه المرة. تشير فيديلتي إلى أن “مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية عند مستوى جيد والعائد على السندات لأجل 30 عاما آخذ في الارتفاع؟، هذا يخبرك أن السوق لا تعرف إلى أين نحن ذاهبون، لكنها تعرف أن الطريق الذي سلكناه ليس هو الطريق الصحيح”.
إذن، ما الخطوة التالية؟ التخلي عن الأسهم لمصلحة السندات يجلب إحساسا بالقفز من حالة سيئة إلى أسوأ، وهو بالتأكيد لم ينجح في الربع الأول من هذا العام. تقول فيديلتي من “إم آند جي” أن الأمر “يبدو مملا”، لكن الإجابة تكمن في الحفاظ على التنوع والتركيز على الأساسيات.
هناك خيار آخر يتمثل في التسلح بتحوطات من مخاطر الذيل التي تدفع بسخاء في حالة حدوث انهيار. قال جوردان سنكلير، مدير في “كابستون إنفستمنت أدفايزر” في نيويورك، إن هذا ما يختاره عملاؤه بشكل متزايد الآن. يقول، “يشعر الناس بقلق كبير. هذا الحذر يتحول إلى انخفاض صريح في السوق. يمكنك الاحتفاظ بأرصدة نقدية كبيرة، أو بيع الأسهم أو يمكنك التحوط من مخاطر الذيل”.
هذه أيضا توصية من “جولدمان ساكس”. كتب كريستيان مولر-جليسمان وزملاؤه في المصرف، “نظل نحافظ على ثقل الأسهم في توزيع الأصول لكننا سنركز على إدارة المخاطر مع تحوطات من مخاطر الذيل”.
وأضاف “يحتاج المستثمرون إلى الموازنة بين الوقت في السوق وتوقيت السوق، حيث إن التخلص من الاستثمار مبكرا جدا قد يعني التخلي عن عائدات الأسهم الإيجابية”. كما يقول الكلب الكرتوني، لا بأس بهذا.

زر الذهاب إلى الأعلى