آخر الاخباراتصالات و تكنولوجيا

شركات ناشئة تنافس عمالقة التكنولوجيا في الذكاء الاصطناعي

بوابة الاقتصاد

ريتشارد ووترز من سان فرانسيسكو
تظهر الأحداث التي وقعت خلال الأسبوع الماضي تقريبا أن الذكاء الاصطناعي مستمر في التطور على قدم وساق. تؤكد أيضا أن شركات التكنولوجيا الكبرى تمسك بزمام الأمور.
لكن بالنظر إلى احتمال وجود مضار ناجمة عن الاستخدامات التي يمكن أن تناط بأحدث جيل من الذكاء الاصطناعي، قد لا يصبح عندها العالم أكثر إنصافا – أو أكثر أمانا – فيما لو أصبحت هذه التكنولوجيا منتشرة على نطاق أوسع.
أدى تطوران في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تأكيد هذه النقطة بأسلوب قوي ومتجدد. أحد هذين التطورين يتضمن نموذجا جديدا للغة من جوجل يسمى بـ”با إل إم” PaLM. وفقا لبيرسي ليانج، أستاذ مشارك في علوم الحاسوب في جامعة ستانفورد، يعد هذا التقدم هو الأكبر في مثل هذه الأنظمة منذ إصدار نظام لغة جي بي تي-3 من قبل شركة أوبن أيه آي، وهو آلة الكتابة التلقائية التي أحدثت ثورة في عالم الذكاء الاصطناعي قبل عامين.

بوابة الاقتصاد
عمالقة التكنولوجيا بوابة الاقتصاد


تتمثل الأسباب الرئيسة التي شهرت نموذج “با إل إم” في أنه يمكن أن يفسر السبب الذي يجعل نكتة ما مضحكة بدرجة معقولة من الدقة. يشير هذا الإنجاز إلى أن الآلات بدأت في إحراز تقدم في المشكلات الصعبة مثل الإدراك السليم والاستدلال – على الرغم من أنه كما هي الحال دائما في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن تصميم نظام لتنفيذ خدعة لإثارة الانتباه لا يضمن حدوث تطورات على جبهة أوسع.
التطور الآخر من شركة أوبن أيه آي الذي أعلنته الأسبوع الماضي، يمثل قفزة إلى الأمام في المجال الجديد الذي يتعلق بالأنظمة “متعددة الوسائط”، التي تعمل مع كل من النصوص والصور. قامت شركة مايكروسوفت بتمويل شركة أوبن أيه آي بمبلغ يصل إلى مليار دولار ولها حق حصري في استخدام تكنولوجيتها بصورة تجارية.
أحدث نظام من شركة أوبن أيه آي، والمعروف باسم دال-إي 2، يأخذ رسالة نصية مثل، “رائد فضاء يمتطي حصانا” ويحولها إلى صورة واقعية. وداعا لبرنامج فوتوشوب.
نظرا إلى التطبيقات الواضحة من قبل هذه الأنظمة، يحاول المطورون نقل أنظمة مثل هذه من معمل الأبحاث إلى حيث الاستخدامات الشائعة لها. يقول ليانج إنه من المحتمل أن يكون لها تأثير في أي مجال يكثر فيه استخدام البيانات حيث يمكن للآلات تقديم توصيات أو تقديم إجابات مقترحة. في الوقت الحالي، يتم فعلا استخدام التكنولوجيا التي طورتها شركة أوبن أيه آي في اقتراح سطور من التعليمات البرمجية لمبرمجي البرمجيات.
قد يأتي دور المؤلفين ومصممي الجرافيك بعدها. لكن ذلك ما زال يتطلب جهدا بشريا لانتقاء المخرجات والعثور على ما هو مفيد حقا منها. لكن كمحركات للإبداع، لن تجد لهذه الأنظمة منافسا.
مع ذلك، يمكن اعتبارها على نحو ما الأسوأ تصرفا من بين جميع نماذج الذكاء الاصطناعي، وتأتي معها تحذيرات كثيرة. إحدى هذه المشكلات هي تأثيرها في ظاهرة الاحتباس الحراري، تدريبها يتطلب قدرا هائلا من الجهد الحاسوبي. كما أنها تعيد إنتاج كل أوجه التحيز الخاصة بمجموعات البيانات “الكبيرة جدا” التي تم تدريبها عليها.
كما أنها تنتج معلومات مضللة بطبيعتها، وتنتج بلا تفكير أفضل تخميناتها استجابة للتوجيهات دون أي فهم لما تنتجه. لمجرد أن هذه النماذج تعرف كيف تبدو متجانسة، لا يعني أنها كذلك.
ثم هناك خطر سوء الاستخدام المتعمد. تقوم شركة كوهير أيه آي الناشئة، التي قامت ببناء نسخة مصغرة عن نظام لغة جي بي تي-3، بالاحتفاظ بالحق في شروط الخدمة الخاصة بها في فصل المستخدمين بسبب أمور مثل “مشاركة المحتوى الذي تم إنشاؤه باعتباره مثيرا للانقسام بهدف تأليب المجتمع على نفسه”.
لكن الأضرار المحتملة لمثل هذه النماذج التوليدية من الذكاء الاصطناعي لا تقتصر على اللغة فحسب. إحدى الشركات التي قامت ببناء نظام تعلم آلي للمساعدة على اكتشاف الأدوية، مثلا جربت أخيرا تغيير بعض المعايير في نموذجها لمعرفة ما إذا كانت ستتوصل إلى مواد حميدة بدرجة أقل. كما ورد في مجلة “نيتشر”، بدأ النظام على الفور في تصميم عناصر تستخدم في الحروب الكيماوية، ومنها بعض العناصر التي قيل إنها أكثر خطورة من أي شيء معروف لدى عامة الناس.
بالنسبة إلى منتقدي شركات التكنولوجيا الكبرى، قد يكون ذلك بمنزلة قرع ناقوس الخطر للتحذير من أن حفنة من الشركات القوية وغير الخاضعة للمساءلة تتحكم بهذه الأدوات. لكن قد يكون الأمر أكثر إثارة للقلق إذا لم يقوموا بالتحذير منها.
كان نشر النماذج المماثلة لهذه يعد ممارسة جيدة في الماضي، بحيث يمكن للباحثين الآخرين اختبار ما تدعيه تلك النظم ويمكن لأي شخص يستخدمها معرفة كيفية عملها. لكن نظرا إلى المخاطر المترتبة على ذلك، فإن مطوري أكبر النماذج في الوقت الحاضر أبقوها طي الكتمان.
بدأت هذه الممارسات بتغذية عمليات البحث عن بدائل، حيث يحاول مطورو البرامج مفتوحة المصدر والشركات الناشئة انتزاع جزء من السيطرة على هذه التكنولوجيا من يد شركات التكنولوجيا الكبرى. تمكنت شركة كوهير أيه آي، مثلا، من جمع 125 مليون دولار من رأس المال الاستثماري الشهر الماضي. قد يبدو الأمر مكلفا للغاية بالنسبة إلى شركة ناشئة للتنافس مع “جوجل”، لكن لدى شركة كوهير اتفاقية تمنحها استخدام رقائق الذكاء الاصطناعي الأكثر قوة لدى شركة البحث من أجل تدريب نموذجها الخاص.
في الوقت نفسه، شرعت مجموعة من الباحثين المستقلين في بناء نظام مشابه لنظام لغة جي بي تي-3 بهدف صريح وهو إتاحته للاستخدام العام. أصدرت المجموعة التي تطلق على نفسها اسم إليوثيرا أيه آي، نسخة مفتوحة المصدر جاهزة للعمل من نموذج عمل مصغر في وقت سابق من هذا العام.
تشير مثل هذه التحركات إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى لن تحتفظ بهذا المجال بأكمله لنفسها فقط. لكن من سيضبط حدود هذه التكنولوجيا الجديدة القوية هو موضوع نقاش آخر.

زر الذهاب إلى الأعلى