جين فريدا يكتب: الدولار وذخيرته من القوة «1من 2»
بوابة الاقتصاد
دفع تجميد قسم كبير من احتياطيات روسيا الرسمية من النقد الأجنبي بعض المراقبين حتما إلى التنبؤ بزوال “الامتياز الباهظ” الذي يتمتع به الدولار باعتباره العملة الاحتياطية العالمية المفضلة. لكن لا ينبغي لنا أن نسارع إلى كتابة نعي الدولار بعد.
الواقع أن العقوبات المفروضة على احتياطيات روسيا من المرجح أن تعزز أسبقية الدولار باعتباره العمود الفقري لنظام العملة الورقية. وقد لا يتسارع تآكل مكانة الدولار إلا إذا استخدمت الولايات المتحدة مثل هذه العقوبات المالية بانتظام كسلاح هجومي في السياسة الخارجية.
صحيح أن الدولار في الأعوام الأربعة الأخيرة – وهي فترة غلبت عليها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وجائحة مرض فيروس كورونا – كان يشكل 40 في المائة فقط من تراكم الاحتياطيات الجديدة، مقارنة بنحو 23 في المائة لليورو. وقفزت حصة الرنمينبي الصيني من الاحتياطيات الجديدة إلى 10 في المائة، في حين اكتسب الين الياباني والجنيه الاسترليني أيضا مزيدا من الأرض.
رغم كل هذا، ليس من الواضح على الإطلاق أن الثقة بالدولار تتضاءل.
أولا، كان نمو الاحتياطي العالمي على مدار الأربعة أعوام الأخيرة جزءا ضئيلا من النمو السريع الذي شهدته الخمسة أعوام السابقة واللاحقة للأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008، ما يعكس انحسار اختلالات التوازن العالمية. فقد انخفضت حصة الدولار من الاحتياطيات من 73 في المائة في عام 2001 إلى 59 في المائة في العام الفائت. لكن أغلب هذا الانخفاض حدث في العقد الأول من القرن الـ 21، عندما ارتفعت الاحتياطيات بمقدار 8.1 تريليون دولار “مقارنة بنحو 2.6 تريليون دولار في العقد الأخير”.
ثانيا، أدى التخصيص الجديد الذي أصدره صندوق النقد الدولي العام الفائت بقيمة 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة “الأصول الاحتياطية التي يصدرها صندوق النقد الدولي” إلى تقليص حصة الدولار في نمو الاحتياطي العالمي على نحو ظاهري مصطنع أثناء الجائحة. تستند حقوق السحب الخاصة إلى سلة عملات تصل حصة الدولار فيها إلى 42 في المائة، في حين تبلغ حصة اليورو 31 في المائة، وحصة الرنمينبي 11 في المائة، وحصة الين 8 في المائة، وحصة الجنية الاسترليني 8 في المائة. ولأن حقوق السحب الخاصة تنشأ في الأساس لمصلحة اقتصادات متقدمة لا تستخدمها أبدا، فإن هذه الحصص تعمل فعليا على تضخيم حصص الاحتياطيات الأجنبية غير الدولارية.
أخيرا، تحتفظ الدول التي تتمتع بعلاقات أمنية قوية مع الولايات المتحدة بما في ذلك الأغلبية العظمى من الدول التي تمتلك أكبر قدر من الاحتياطيات من النقد الأجنبي، بحصة أكبر من المتوسط من احتياطياتها بالدولار عادة. وما دام حلفاء الولايات المتحدة في آسيا وأوروبا يعدون الضمانات الأمنية الأمريكية جديرة بالثقة، فإن هذه الدول ليس لديها حافز كبير للتحول بعيدا عن الدولار.
إن تجميد الاحتياطيات ليس بالأمر الجديد، لكن التدابير المتخذة ضد روسيا تعد المرة الأولى التي تطبق فيها ضد دولة من مجموعة العشرين تتمتع بدرجة عالية من التكامل التجاري والمالي العالميين. من منظور المستثمرين الأجانب، يشكل تجميد الاحتياطيات بهدف إيجاد حالة من الذعر المالي تهديدا وجوديا، من حيث احتمال خسارة رأس المال أو احتجازه في الداخل… يتبع.
المصدر “الاقتصادية”
بروجيكت سنديكيت، 2022.