آخر الاخبارأسواق

التضخم… شبح زيادة الأسعار المخيف للاقتصادات العالمية

بوابة الاقتصاد

الولايات المتحدة أمام سيناريوهات صعبة لرفع الفوائد بقوة ما يدفع نحو الركود وتراجع الطلب على الطاقة

دخل الاقتصاد الأميركي، الثلاثاء 12 أبريل (نيسان)، في مرحلة جديدة، مع تسجيل مؤشر التضخم أعلى مستوياته منذ أربعين عاماً. فقد قفز مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 8.5 في المئة على أساس سنوي، بعد أن كان سجل 7.9 في المئة في فبراير (شباط) الماضي.

لكن، ماذا يعني ذلك، وكيف سيتأثر الاقتصادان الأميركي والعالمي بسبب هذه المؤشرات؟

مخاطر التضخم

في الواقع، فإن مؤشر التضخم هو أخطر مؤشر بالنسبة إلى صانعي السياسة الاقتصادية الأميركية. وسبق أن قال قادة الاحتياطي الفيدرالي إنهم سيحاربون التضخم على حساب نمو الاقتصاد. يعني ذلك أنهم سيرفعون أسعار الفائدة كلما زاد التضخم في البلاد. ما يعني ارتفاع أسعار السلع والمنتجات.

رفع الفائدة

إن رفع الفوائد المتوقع سيكون قاسياً بعد تسجيل التضخم مستويات كبيرة. والتوقعات الآن تفيد بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيرفع الفائدة بنصف نقطة مئوية في اجتماعه المقبل في مايو (أيار)، مقارنة مع ربع نقطة مئوية في اجتماعه في مارس (آذار).

ولفهم تأثير ذلك، فإن اقتصادات عدة تربط عملتها بالدولار ستحذو حذو المركزي الأميركي، ومنها على سبيل الاقتصادات الخليجية باستثناء الكويت التي تربط الدينار بسلة من العملات (يبقى الدولار المهيمن فيها). ما يعني ضغوطاً إضافية على قطاع الأعمال المقترض بفوائد رخيصة الآن، لكنه سيصبح مكبلاً بفوائد أعلى مستقبلاً، بينما سيصعب على قطاعات الأعمال الناشئة النمو في ظل الفوائد المرتفعة.

تعثر دول

على الصعيد العالمي، فإن كل زيادة في أسعار الفائدة هي زيادة في القروض الدولية التي أعطيت للدول الناشئة كديون سيادية. وثمة دول، منها سيريلانكا، تواجه التعثر عن سداد قروضها. ويُتوقع أن ينسحب الأمر على دول أخرى. والقائمة تطول لتشمل دولاً في أميركا اللاتينية منها الأرجنتين، وأخرى في شرق آسيا والشرق الأوسط مع صعوبات تواجه الاقتصادان المصري والتركي.

محاربة التضخم أولاً

ويتحدث محللون في الولايات المتحدة عن سيناريوهات عدة لتأثير رفع الفائدة على أكبر اقتصاد في العالم، حيث الإصرار على محاربة التضخم قد يدفع المركزي الأميركي بخطوات سريعة وصادمة برفع الفوائد، وهو ما سيدخل الاقتصاد في ركود.

وقد بدأت إشارات الركود تظهر من خلال ما يُعرف بعائد المنحنى العكسي، ويعني أن عوائد السندات الحكومية الأميركية القصيرة المدى (سنتان غالباً) تعادل عوائد سندات طويلة الأجل (10 سنوات). ما يجعل المستثمرين يضعون أموالهم في السندات القصيرة للحصول على عوائد سريعة بدلاً من الانتظار عشر سنوات، لأن السندات الطويلة الأمد تعطي إشارة على أن الاقتصاد لن يكون جيداً.

تقليل الطلب على النفط

ولركود الاقتصاد الأميركي تأثير على الاقتصادات العالمية، باعتباره أكبر اقتصاد استهلاكي. وعندما يضعف تضعف اقتصادات العالم كلها، وبالتالي له تأثير مباشر على اقتصادات معتمدة على قطاعات واحدة، مثل اقتصادات المعتمدة على النفط بشكل رئيس في ميزانياتها، حيث سيقل الطلب على الطاقة في ظل الركود.

ويعيش العالم مرحلة حساسة من ارتفاع التضخم التي لم يشهدها منذ أربعة عقود، إذ كان العالم يعيش في زمن الفائدة المنخفضة التي لم تتجاوز 5 في المئة، وفي ظل التضخم المنخفض الذي ظل في حدود 5 في المئة. وقبل أربعين عاماً كانت الاقتصادات العالمية، والاقتصاد الأميركي، في حال من الفوضى بسبب ارتفاعات التضخم القياسية التي قاربت 15 في المئة في الولايات المتحدة في عام 1980. واضطر المركزي الأميركي إلى رفع الفوائد إلى 20 في المئة في عام 1981 للقضاء على التضخم.

انهيار البورصات

وفي الأسابيع الماضية، بدأ الاقتصاد الأميركي يتلمس حجم الضغوط التضخمية الكبيرة، وانهارت البورصات الأميركية مع تزايد الإشارات بعدم اليقين بشأن توجه التضخم وكيف سيرد المركزي الأميركي لمحاربته. وقد فقد، على سبيل المثال، مؤشر “ناسداك 100” الذي يقيس أكبر 100 شركة تكنولوجية في أميركا بنحو تريليون دولار في 5 جلسات تداول فقط.

تضخم بعوامل عدة

والواقع أن هناك تضخماً آتٍ من عوامل عدة، مثل الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي أثر على أسعار الطاقة، بحكم أن روسيا ثالث أكبر دولة في العالم إنتاجاً للنفط، كما أثر على أسعار الأغذية والحبوب، كون روسيا وأوكرانيا من الدول الرئيسة المصدرة للحبوب والقمح. وجاء ذلك في وقت كان العالم يعاني أصلاً من أزمة سلاسل الإمدادات، إذ عطلت جائحة كورونا قدرة المصانع على الإنتاج والقدرة على توصيل البضائع والمنتجات. لذا، فإن الضغوط التضخمية آتية من كل مكان ومرشحة لسيناريوهات صعبة في المستقبل في حال لم يتم احتواؤها، غذ ستؤدي إلى ركود في الاقتصادات عاجلاً أم آجلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى