السعودية والكويت تؤكدان حقهما في حقل الدرة وتدعوان إيران للمفاوضات
بوابة الاقتصاد
محللون: طهران تراوغ في اتفاقياتها الدولية وادعاءاتها النفطية مكررة فهل تستجيب لإزالة العوائق؟
قالت السعودية والكويت في بيان مشترك نشرته وكالتا الأنباء الرسميتين في البلدين “إنهما تجددان الدعوة إلى إيران لعقد مفاوضات حول تعيين الحد الشرقي من المنطقة المغمورة المقسومة في الخليج. ونقل البيان عن وزارتي الخارجية السعودية والكويتية القول “إن البلدين يؤكدان “على حقهما في استغلال الثروات الطبيعية في هذه المنطقة، وعلى استمرار العمل لإنفاذ ما تم الاتفاق عليه بموجب المحضر الموقع بينهما بتاريخ 21 مارس (آذار) 2022”. وقال البيان “إن السعودية والكويت سبق أن وجهتا الدعوات إلى إيران للتفاوض حول تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة، ولم تلب تلك الدعوات”، وأضاف البيان “تجدد كل من السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد دعوتهما إيران لعقد هذه المفاوضات”.إلى ذلك، قال محللون ومتخصصون لـ “اندبندنت عربية” إن دعوة السعودية والكويت للجانب الإيراني إلى التفاوض في شأن تطوير حقل غاز الدرة “بادرة خير” لإزالة العوائق أمام استئناف الإنتاج في الحقل.
طهران تناور
وفي الوقت ذاته يرى المتخصصون أن إيران سرعان ما تناور في اتفاقاتها الدولية، وغالباً ما تسعى إلى كسب الوقت من دون الوصول إلى نتيجة، كما ذكروا أن إدعاءات طهران النفطية في المنطقة مكررة. ووقعت الكويت وثيقة مع السعودية لتطوير حقل الدرة الذي من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً و84 ألف برميل يومياً من المكثفات، وفقاً لبيان صادر الأسبوع الماضي عن مؤسسة البترول الكويتية. لكن إيران زعمت أن الوثيقة “غير قانونية”، وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان أوردته وكالة “واس” إن السعودية ودولة الكويت “تؤكدان على حقهما في استغلال الثروات الطبيعية في هذه المنطقة، وعلى استمرار العمل لإنفاذ ما تم الاتفاق عليه بموجب المحضر الموقع بينهما بتاريخ الـ 21 من مارس 2022″، وذكر البيان أن السعودية والكويت يجددان “كطرف تفاوضي واحد دعوتهما الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعقد مفاوضات تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة”، وأوضحت أن البلدين دعوا طهران من قبل إلى “التفاوض حول تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة، ولم تلب إيران تلك الدعوات”. والشهر الماضي، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاتفاق الموقع بين السعودية والكويت لتطوير حقل الدرة للغاز هو خطوة “غير قانونية”، مؤكدة احتفاظ إيران بحق الاستثمار في الحقل المشترك بين الدول الثلاث. ويأتي الإعلان السعودي الكويتي في وقت تشهد أسعار موارد الطاقة مثل النفط والغاز صعوداً على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، والمخاوف من تأثير ذلك على الكميات المعروضة.
ادعاءات إيران
إلى ذلك، أكدت مصادر متخصصة لـ “اندبندنت عربية” أن اتفاق حقل الدرة الذي وقعه وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ووزير الطاقة الكويتي محمد الفارس في 21 مارس الماضي يقع في المياه الكويتية وجزء منه في المنطقة البحرية المتداخلة بين البلدين، مبيناً أن ادعاءات إيران بوجود جزء من الحقل في مياهها، يعود إلى تأخر الكويت في رسم حدودها البحرية مع إيران، مما فتح لها المجال في هذه الادعاءات، وأشار إلى أن للسعودية والكويت وحدهما من دون غيرهما “حقوقاً سيادية خالصة في التنقيب عن الثروات الهيدروكربونية واستغلالها في حقل الدرة والمنطقة المغمورة المقسومة”، وكان الاتفاق السعودي الكويتي الذي تم الشهر الماضي يؤدي إلى تطوير حقل الدرة وإنتاج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يومياً، إضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يومياً، وسيتم تقسيم الإنتاج بالتساوي بين الشريكين استناداً إلى خيار “الفصل البحري”، بحيث يتم فصل حصة كل من الشريكين في البحر، ومن هناك ترسل حصة “شركة أرامكو” لأعمال الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافق الشركة في الخفجي، فيما ترسل حصة الشركة الكويتية لنفط الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في الزور، وأوضح البيان أن الادعاءات الإيرانية بحاجة إلى إنهائها من خلال الاتفاقات الدولية التي كانت تتهرب منها، وأن الحديث الكويتي عن اتفاق ثلاثي الذي تم التلاعب فيه من قبل الإيرانيين كان بخصوص مفاوضات الجرف القاري باعتبارها مفاوضات ثلاثية بين الكويت والسعودية وإيران ولا علاقة لها بحقل الدرة.
ترك النتيجة للمفاوضات والقوانين البحرية
وفي تعليقه قال المتخصص في شؤون النفط والطاقة أنس الحجي “إن لا أحد يعرف تماماً مساحة وحجم حقل الدرة، ومن ثم، يجب ترك النتيجة للمفاوضات والقوانين البحرية العالمية وليس لكتاب الرأي ومعلقي الفضائيات”، وتابع القول إن “مشكلة الحقول المشتركة موجودة في كل أنحاء العالم، وما لم يتم حله بالمفاوضات يتم حله بالتحكيم كما حصل مع قطر والبحرين على سبيل المثال”، مضيفاً، “تاريخ صناعة النفط يشير الى أنه كلما تم الإسراع في حل المشكلات الحدودية كلما تم الاسراع بتطوير الحقل واستفادة الشركاء”.
محادثات لتسوية النزاع
وقال المستشار الاقتصادي الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية ومقره الرياض علي بوخمسين، إن منطقة الخليج تعتبر أغني المناطق في النفط والغاز حول العالم، ولكن تعاني وجود عدد من الحقول المشتركة التي تصل إلى نحو 15 حقلاً بين إيران ودول المنطقة تتوزع بين السعودية والكويت وعُمان، وتابع أن اتفاق السعودية والكويت في مارس الماضي على العمل لاستغلال حقل الدرة الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة يمثل صفحة جديدة من تطوير الحقل الغني بالغاز لما فيه من مصلحة مشتركة للطرفين، ولكن ظهر اعتراض إيران على الاتفاق الكويتي – السعودي، وأضاف بوخمسين أن كلاً من إيران والكويت أجرتا على مدى أعوام محادثات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، إلا أنها لم تؤد إلى نتيجة، وأشار إلى أن تطوير حقل الدرة يأتي في إطار محاولة الاستفادة من مواردهما الطبيعية المتاحة، وسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار الغاز العالمية، مما يعتبر مطلباً مهماً لإمدادات الطاقة في الأسواق الدولية، ومن المهم المبادرة في تطوير الحقل.
قوة الموقف السعودي – الكويتي
من جهته، قال المحلل النفطي الكويتي كامل الحرمي إن إعلان السعودية والكويت تأكيد حقهما في استغلال الثروات الطبيعية في حقل الدرة يعكس قوة موقف البلدين اللتان اتخذتا أخيراً خطوات عملية نحو تطوير هذا الحقل. وأضاف الحرمي، “على السعودية والكويت استكمال ما بدأتاه معاً في الاستثمار والبحث عن الغاز ومتابعة العمل في الجزء الجنوبي الغربي، وخلال أربع سنوات من الآن يبدأ إنتاج الغاز المشترك من حقل الدرة”.
بادرة طيبة
وأشار الحرمي إلى أن تجديد السعودية والكويت دعوة إيران إلى التفاوض حول تعيين الحد الشرقي للمنطقة المقسومة يعد “بادرة طيبة” من البلدين على أن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة، أو بوجود طرف محايد كمراقب ومحل ثقة من الطرفين، وعلاقات تجارية طويلة المدى كالصين مثلاً، ومن ثم التوصل إلى أسس وإطار عمل لمصلحة الجميع.
طهران ليس لها أي حق قانوني
من جهته، قال المتخصص في شؤون الطاقة الدكتور فهد بن جمعة إن إيران ليس لها أي حق قانوني في حقل الدرة للغاز، لافتاً إلى أنها أثارت هذه القضية في الفترة الحالية لاستخدامها في إحداث قلق وفوضى في المنطقة لا تختلف عن اعتداءات الحوثي التي تمولها على منشآت نفطية في السعودية خلال الشهر الماضي، وأضاف فهد بن جمعة أن طهران ليس لها أي حق تاريخي في حقل الدرة، لأنه باختصار لا يقع داخل حدودها، وبالتالي فإن مزاعمها بالمشاركة في تطوير الحقل تخالف القانون الدولي وقواعد ترسيم الحدود البحرية، موضحاً أن تطوير الحقل بشراكة سعودية – كويتية وعبر خطة استراتيجية مع تقسيم الإنتاج بالتساوي بين البلدين يساعد في تعزيز إنتاج النفط والغاز وتلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز الطبيعي وسوائله.
إنتاج مليار برميل من الغاز
وفي مارس الماضي، وقعت الكويت وثيقة مع السعودية لتطوير حقل الدرة الذي من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً و84 ألف برميل يومياً من المكثفات، وفقاً لبيان صدر في حينها عن مؤسسة البترول الكويتية، لكن إيران قالت بعدها بأيام إن هذه الوثيقة الموقعة بين السعودية والكويت لتطوير حقل غاز الدرة “غير قانونية” نظراً إلى أن طهران تشارك في الحقل ويجب أن تنضم لأي إجراء لتشغيل وتطوير الحقل. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في حينها عبر “تويتر”، “حقل آرش – الدرة” للغاز هو حقل مشترك بين دول إيران والكويت والسعودية”. وأضافت، “هناك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت”، وفي 29 مارس، قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إن “إيران ليست طرفاً في حقل الدرة فهو حقل كويتي – سعودي خالص”.
أهمية استراتيجية
ويعد حقل الدرة من أهم مناطق العمليات المشتركة بين السعودية والكويت، إذ إنه يعمل على دعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين اللذين يعتزمان اتخاذ خطوات جادة لتطوير مكامن الغاز به، ما أن لحقل الدرة أهمية استراتيجية كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي باعتباره مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز، بينما موقعه الذي يقع في منطقة حدودية عطل إنتاجه منذ تاريخ استكشافه في العام 1960، ويقدره خبراء بنحو 11 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام، ويعود الخلاف على “حقل الدرة” إلى ستينات القرن الماضي وقت اكتشافه، إذ كان محل تنازع بين إيران والكويت في شأن استغلال ثرواته من النفط والغاز، ومنحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية – البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لـ “رويال داتش شل”، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من الحقل. وفي العام 2012 أرسلت شركة الخفجي حق التطوير والإنتاج على شركة “شل”.