آخر الاخبارسياسةطاقة

هل تتجه أوروبا إلى القرار الأصعب بشأن النفط الروسي بعد الفحم؟

بوابة الاقتصاد

38 مليار دولار إجمالي واردات الطاقة الأوروبية من موسكو منذ بدء الحرب في أوكرانيا

اتفق القادة الأوروبيون على إلغاء واردات الفحم الروسي تدريجاً كجزء من حزمة جديدة من العقوبات الناجمة عن أدلة على الفظائع في مدينة “بوتشا” بأوكرانيا، وربما يكون الحظر النفطي هو القرار التالي في أجندة العقوبات الغربية على روسيا.

وفي وقت سيُحظر كل أنواع الفحم الروسي من الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة قالت المفوضية الأوروبية، إنها ستؤثر على نحو ثمانية مليارات يورو (8.7 مليار دولار) من الصادرات الروسية سنوياً، فقد قال مصدر من الاتحاد الأوروبي، إن أوروبا تخطط لتقليص الواردات خلال الأشهر الأربعة المقبلة.

حظر على النفط

وهذه المرة الأولى التي تأتي فيها أوروبا بعد قطاع الطاقة الضخم في روسيا، لكنها لم تذهب بعيداً بما يكفي بالنسبة لأوكرانيا، التي كررت، الجمعة الثامن من أبريل (نيسان)، دعوتها إلى فرض حظر على النفط بعد هجوم صاروخي على محطة للسكك الحديدية في “كراماتورسك” ما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات، بحسب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، لكن إلى أي مدى يمكن لأوروبا أن تتجاهل فرض حظر على إمدادات النفط من روسيا؟

المفوضية الأوروبية تقول، إن نحو 45 في المئة من واردات الكتلة من الغاز الطبيعي ونحو 25 في المئة من وارداتها النفطية تأتي من روسيا، واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 35 مليار يورو (38 مليار دولار) من الطاقة الروسية منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.

ولطالما كان الفحم هو الهدف الأسهل، تستورد أوروبا ما يقرب من نصف فحمها من روسيا، لكن الطلب على أقذر أنواع الوقود الأحفوري في العالم يتضاءل بالفعل، والإمدادات البديلة متاحة بسهولة أكبر من الغاز الطبيعي. ومع ذلك، فقد زادت التقارير المروعة من “بوتشا” و”كراماتورسك” من الضغط على قادة الاتحاد الأوروبي للنظر في حظر أو تقييد واردات النفط من روسيا.

ما مدى احتمال حظر النفط؟

البيانات المتاحة تشير إلى أن روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، واستحوذت على 14 في المئة من الإمدادات العالمية خلال العام الماضي، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، في وقت ذهب ما يقرب من ثلثي صادراتها إلى أوروبا قبل أن تهاجم روسيا أوكرانيا.

في مارس (آذار) الماضي، حددت أوروبا موعداً نهائياً لعام 2027 لفطم نفسها عن الغاز والنفط الروسي، لكن الحظر النفطي الذي يبدأ قبل ذلك بكثير أصبح الآن مطروحاً على الطاولة. فقد أبلغت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين البرلمان الأوروبي بأن الحزمة الخامسة من العقوبات “لن تكون الأخيرة”، وأضافت، “نعم، لقد حظرنا الآن الفحم، لكن علينا الآن أن ننظر في النفط”.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أوائل القادة الذين أيدوا علانية فرض حظر شامل على النفط الروسي، وفي حديثه، الإثنين الماضي، قال ماكرون إن هناك “مؤشرات واضحة للغاية” على ارتكاب جرائم حرب في “بوتشا”، وإن أوروبا “لا يمكنها السماح لها بالانزلاق”، وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، إن بلاده لا تريد الانتظار لحظر النفط الروسي بعد أن شاهدت هجوم السكة الحديد في وقت سابق، وأضاف، “في ما يتعلق بفرنسا، نحن على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك واتخاذ قرار بشأن حظر النفط، وأنا مقتنع بشدة أن الخطوات التالية والمناقشات المقبلة ستركز على مسألة حظر النفط الروسي”.

ولفت المستشار الألماني أولاف شولتز، بدوره، إلى أنه يعتقد أن ألمانيا ستكون قادرة على وقف استيراد النفط الروسي هذا العام، وأوضح أن ألمانيا “تعمل بنشاط” على الاستقلال عن واردات النفط الروسية، لكنه أضاف، أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول لألمانيا للتخلص من الغاز الروسي.

وقد يُطرح المزيد من التفاصيل حول عقوبات النفط، الإثنين 11 أبريل، عندما يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات، وتشمل الخيارات المطروحة على الطاولة فرض ضرائب على واردات النفط وإجبار المشترين على الدفع في حساب ضمان لا يمكن استغلاله إلا من قبل روسيا في ظل ظروف معينة.

وقد يكون إقناع مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالموافقة أمراً صعباً، إذ يختلف الاعتماد على النفط الروسي بشكل كبير عبر دول الاتحاد الأوروبي. فالمجر مكشوفة بشكل خاص، ويمكن أن يفسد فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المعاد انتخابه حديثاً، والحليف القديم للرئيس فلاديمير بوتين، أي مقترحات بشأن حظر النفط الروسي، وقال أوربان في بيان في أوائل مارس (آذار) الماضي، “بينما ندين الهجوم المسلح الروسي وندين الحرب أيضاً، لن نسمح بإجبار العائلات المجرية على دفع ثمن الحرب”، وأضاف، “يجب عدم تمديد العقوبات إلى مناطق النفط والغاز”.

هل تستطيع أوروبا التأقلم؟

وفي حين أن العقوبات على الغاز الطبيعي الروسي غير مرجحة في هذه المرحلة بسبب الأضرار الاقتصادية التي قد تسببها بالنسبة للأوروبيين والأميركيين، فإنه يمكن لأوروبا أن تتحمل بشكل أفضل حظراً على النفط الروسي، فقد أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا حظراً على النفط الروسي، وبالفعل فُرض حظر فعلي أوسع، إذ تحاول البنوك والتجار والشاحنون وشركات التأمين تجنب الوقوع في العقوبات المالية.

كما توقفت شركات النفط الأوروبية بما في ذلك “شل”، و”توتال إنرجي”، و”نيستي” عن شراء الخام الروسي، أو ستفعل ذلك بحلول نهاية هذا العام. وفي سوق النفط، ارتفع سعر خام القياس العالمي “برنت” في أوائل مارس الماضي، ليتجاوز لفترة وجيزة 139 دولاراً للبرميل، وهو أعلى مستوى في 14 عاماً، لكنه تراجع منذ ذلك الحين ليتداول حول 100 دولار للبرميل، ويتم تداول خام الأورال الروسي دون ذلك بنحو 34 دولاراً، وهو خصم قياسي.

وخلال الأيام الماضية، وعدت الدول الغنية بالاستفادة من احتياطاتها النفطية للمساعدة في خفض الأسعار ومواجهة انخفاض الإمدادات الروسية. ففي مارس، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستفرج عن 180 مليون برميل. وحذت الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية حذوها، وأضافت 60 مليون برميل أخرى إلى المخزونات العالمية.

ويرى كلاوديو جاليمبرتي، نائب رئيس التحليل في “ريستاد إنرجي”، أن تأثير الحظر النفطي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على روسيا سيعتمد على المدى الذي يمكن أن يحول فيه الصادرات إلى آسيا، وأضاف، “طالما تمكنت من تحويل معظم صادراتها النفطية من أوروبا إلى آسيا، فقد يكون التأثير، نسبياً، ليس كبيراً، وإلا فإنه سيشل الاقتصاد الروسي تماماً، لأنه يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط”.

وبينما تمثل أوروبا أكثر من نصف صادرات النفط الروسية، تعد الصين أكبر مشتر منفرد، وتمثل نحو 20 في المئة، وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى