هل تسد الهند فجوة واردات القمح المصرية من روسيا وأوكرانيا؟
بوابة الاقتصاد
تحذيرات من وصولها أدنى مستوى في 9 سنوات والحكومة تتحرك بقوة في ملف الإنتاج المحلي
كشف تقرير حديث عن أن واردات مصر من القمح قد تنخفض إلى أدنى مستوى لها منذ تسع سنوات في موسم 2022 – 2023، بعد أن أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى استبعاد اثنين من أكبر موردي القمح لمصر من السوق، وتوقع التقرير الصادر عن وزارة الزراعة الأميركية أن تنخفض واردات مصر من القمح بنسبة 8.3 في المئة على أساس سنوي إلى 11 مليون طن متري في الموسم الذي يبدأ في يوليو (تموز) المقبل.
ومن المتوقع أن تؤدي الحرب إلى تفاقم أزمة سلاسل التوريد غير المستقرة بالفعل، وتسبب اضطرابات كبيرة في إمدادات القمح لوجهات الاستيراد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومصر ليست بمعزل عن ذلك، وفق ما جاء في التقرير الذي أشار إلى أن مصر اعتمدت بشكل كبير على القمح من دول البحر الأسود، إذ اشترت نحو 82 في المئة من القمح على مدى السنوات الخمس الماضية من روسيا وأوكرانيا، والتي تعرض أسعاراً أقل وأوقات شحن أسرع مقارنة بالدول الأخرى.
إنتاج القمح محلياً
في المقابل، تتحرك الحكومة المصرية وبقوة في ملف إنتاج القمح محلياً، ومن المتوقع أن يصل إجمالي إنتاج القمح المحلي إلى 9.8 مليون طن في موسم 2022 – 2023، بزيادة نسبتها 8.9 في المئة على أساس سنوي، على خلفية زيادة المساحة المنزرعة بالمحصول، وقدمت الحكومة أيضاً مجموعة من الحوافز، بما في ذلك رفع الأسعار وتوريد حصص إلزامية، لزيادة الإنتاج المحلي هذا العام.
وفي وقت سيسمح ذلك للحكومة بتقليص اعتمادها على القمح المستورد، فإنها تستهدف شراء ما بين خمسة وستة ملايين طن من القمح المحلي في الموسم المقبل الذي يبدأ في أبريل (نيسان) المقبل، وهذا يتيح للبلاد عدم اللجوء إلى سوق الحبوب العالمية خلال الأسابيع الستة المقبلة، مع تعليق المناقصات الجديدة حتى منتصف مايو (أيار) في الأقل، وكانت آخر عملية شراء دولية للقمح في منتصف فبراير (شباط) قبل أن يؤدي الصراع إلى خروج القمحين الأوكراني والروسي من السوق.
تحركات لتأمين الإمدادات
في الوقت نفسه، ما زالت الحكومة المصرية تعمل على تأمين إمداداتها من القمح، وأعلنت فرنسا أنها ستقف إلى جانب مصر وتتأكد من حصولها على ما تحتاج إليه من القمح إذا استمرت الحرب في أوكرانيا، وقال وزير التموين والتجارة الداخلية في الحكومة المصرية علي المصيلحي، في تصريحات الأسبوع الماضي، إن مصر تجري محادثات مع الهند والأرجنتين والولايات المتحدة لتأمين المزيد من إمدادات القمح.
وفي تصريحات أخيرة، قال وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير خلال زيارته للقاهرة إن بلاده سوف تقف إلى جانب مصر وتتأكد من حصولها على ما تحتاجه من القمح إذا استمرت الحرب في أوكرانيا، وأوضح أن البلدين سيجريان محادثات حول أسعار القمح في وقت ستكون تكاليف الشحن عاملاً مهماً.
من جانبه، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن مصر تعتمد على فرنسا في تأمين إمداداتها من القمح، حسب بيان لمجلس الوزراء، ويأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه مصر البحث عن موردين بديلين بعد أن تسببت الحرب في توقف الإمدادات من روسيا وأوكرانيا اللتين توفران معاً أكثر من 80 في المئة من إجمالي إمدادات القمح لمصر.
ووفق وكالة “رويترز”، من المقرر أن يزور وفد مصري الهند في الأسبوع الأول من أبريل المقبل، وأشارت مصادر الوكالة إلى أن مصر قد تشتري ما يصل إلى 12 مليون طن من القمح الهندي، وذكرت أن الوفد المصري سيلتقي مع موردين هنود محتملين ويدرس القضايا اللوجستية ويقيم جودة القمح الهندي.
وهناك المزيد من الإشارات على أن مصر تتطلع إلى الهند لسد الفجوة التي تركتها أوكرانيا وروسيا في واردات القمح المصري، وقال وزير التجارة والصناعة الهندي بيوش غويال إنه التقى وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد، خلال حدث في دبي، وناقش “استعداد نيودلهي توريد قمح عالي الجودة” للقاهرة، وقال وزير التموين علي المصيلحي، الأسبوع الماضي، إن مصر تجري محادثات مع الهند وفرنسا والأرجنتين والولايات المتحدة لاستيراد القمح.
والهند هي ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، وأصبحت مورداً رئيساً للبلدان التي تضررت من تداعيات الحرب في أوكرانيا، “لم نشهد هذا النوع من الجنون للقمح الهندي في السوق العالمية من قبل”، حسب ما قال فيجاي ينجار، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة “أجرو كورب إنترناشيونال”، ومقرها سنغافورة لوكالة “بلومبيرغ”.
وتستطيع الهند تصدير ما يصل إلى 12 مليون طن قمح خلال الموسم 2022 – 2023، ارتفاعاً من 8.5 مليون طن خلال الموسم السابق، ما يساعد على تخفيف الضغط على الإمدادات العالمية وخفض الأسعار التي قفزت أخيراً إلى مستويات قياسية.
مصر لن تطرح مناقصات قبل منتصف مايو
في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة المصرية أنها لن تطرح مناقصات دولية جديدة لشراء القمح قبل منتصف مايو المقبل، بعد أن تسلمت الشحنات المتراكمة من القمح الروسي، وتركز الحكومة في الوقت الحالي على موسم حصاد القمح المحلي، الذي تتوقع شراء ما بين خمسة إلى ستة ملايين طن قمح خلاله.
يأتي قرار الوزارة في الوقت الذي تسببت فيه الحرب الروسية الأوكرانية في اضطراب أسواق القمح العالمية، ما أجبر هيئة السلع التموينية على إلغاء مناقصتين بسبب ارتفاع الأسعار وقلة المعروض، وأجرت مصر آخر عملية شراء دولية للقمح في منتصف فبراير الماضي، وكثفت السلطات مشترياتها من القمح المحلي وأعلنت حوافز وإجراءات عقابية لزيادة الإنتاج إلى أقصى حد وزيادة مبيعات القمح من المزارعين إلى الحكومة.
ومن المقرر أن تعقد مصر محادثات مع الحكومة الأرجنتينية بشأن استيراد القمح هذا الأسبوع، كجزء من جهودها المستمرة للبحث عن مصادر جديدة لاستيراد القمح، وأجرت البلاد بالفعل محادثات مع كل من فرنسا والولايات المتحدة في هذا الشأن، كما تدرس مصر اتفاقية مقايضة محتملة مع رومانيا من شأنها أن تفتح الباب أمام الدولتين لتبادل الأسمدة المصرية بالأقماح الرومانية.