وليم طعمة يكتب: تعزيز التنوع لتحقيق نتائج تجارية أقوى
بوابة الاقتصاد
التنوع أمر في غاية الأهمية بالنسبة لأي استراتيجية استثمارية. يرى الخبراء أن الشركات التي ترسي وتعزز بيئة عمل شاملة ومتنوعة، تكون أكثر ابتكاراً وتنمو بسرعة أكبر وتتفوق في الأداء بحيث تصبح أكثر قدرة على المنافسة. وقد توصلت الدراسات إلى أن التنوع بين الجنسين يعزز الأداء المالي بنسبة 25% والتنوع العرقي بنسبة 36%.
ولا تقترن هذه الإحصاءات بالحاجة المستمرة إلى إحراز التقدم. وقد وجدت ماكينزي أن نحو 20% فقط من كبار قادة شركات الأسهم الخاصة في الولايات المتحدة كانوا من النساء في بداية عام 2020. وشكلت نسبة الإناث في بقية الشركات الأمريكية 30% فقط. وفي مقابل ذلك، توصلت دراسات أخرى إلى أن التنوع بين الجنسين بين مديري الصناديق في الولايات المتحدة بقي على المستوى نفسه على مدى العقدين الماضيين.
إن هذه الأرقام، إن دلت على شيء، فإنها تدلّ على مسائل منهجية أكثر شمولية. ويسترشد هذا المسعى بالضرورة التي لا يرقى إليها الشك وهي أن زيادة التنوع في مكان العمل هي الأساس المنطقي الذي تنهض عليه الشركات. ومع ذلك، فإن التغيير على نطاق واسع هو أمر مستبعد في غياب الهيكليات الصحيحة.
تنطبق هذه المقاربة إلى حدّ بعيد على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأشار التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 12 من أصل 15 دولة على مستوى العالم من التي تتسم بمعدل منخفض في ضعف مشاركة المرأة في القوى العاملة، تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويتوقع التقرير نفسه أن تستغرق المنطقة ما يصل إلى 140 عاماً لسدّ الفجوة في الأجور بين الجنسين. ولا بد من التعامل مع هذه الأرقام بجدية كي تحافظ المنطقة على قدرتها على المنافسة عالمياً.
وخلاصة القول إنه لن يتسنى للمنظمات أن تحقق المكاسب التجارية الطويلة الأجل المتمثلة في تحقيق قدر أعظم من المساواة بين الجنسين والعدالة العرقية في مكان العمل إلا من خلال سلسلة قوية ومتماسكة وملموسة من المبادئ حول التنوع والشمول. لذا، يجب إلقاء الضوء على المبادئ المتعلقة بالتنوع والمساواة على صفحات محددة على المواقع الإلكترونية الخاصة بالشركات. وأكثر من ذلك، يجب أن تلتزم المنظمات الإقليمية بمبادئ التنوع والإنصاف والإدماج وأن تعمل على تضمينها في صميم القرارات الكلية والجزئية التي تتخذها أي شركة.
وقد حدد معهد المحللين الماليين المعتمدين مبادئ التنوع والإنصاف والإدماج الستة التي يمكن للشركات أن تطمح إليها لتشجيع الإدماج فضلاً عن الخطوات العملية لمساعدة المنظمات على الارتقاء إلى هذه الممارسة. وهذا يشمل عناوين توجيهية حول: توسيع نطاق المواهب، واستقطاب المواهب، والترويج العادل لها والاحتفاظ بها، وتعزيز القيادة، والنفوذ والقياس.
إن أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه أي شركة عالمية يتمثل في تطوير مسار ديناميكي ودائم للمواهب. ولا شك في أن الاعتراف بإمكانية قيادة الشركات من قبل النساء في المستقبل أثناء وجودهن في مناصب صغيرة وتدريبهن في مجالات محددة والاحتفاظ بهن على مدار حياتهن المهنية أمر بالغ الأهمية لزيادة مشاركة المرأة في مجالس الإدارة والقيادة.
لا يمكن إرساء مروحة متنوعة من المواهب بين عشية وضحاها. لذلك، يجب أن تلتزم الشركات بالتواصل المستمر لاستقطاب الأفراد ذوي الكفاءة الذين غالباً ما يتم تجاهلهم. بمعنى آخر، يجب الحرص على أن تتماشى استراتيجية التوظيف في الشركة مع مبادئ التنوع والإنصاف والإدماج الأكثر شمولية. وهذا يعني ضمان توفير دورات تدريبية عالية الجودة تزيد من قدرة الإناث على تعزيز نفوذهن في إطار إعدادهن لتولي القيادة في المستقبل. ويعني أيضاً تقديم تقارير مستدامة عن نمو كفاءات القيادات النسائية في الشركة، وتبادل أفضل الممارسات بين الأقران، وضمان الاحتفاظ بالنساء كأولوية في جميع مراحل تخطيط الموارد البشرية.
إن الاستثمار في المواهب المستقبلية يجب أن يكون موقفاً شاملاً وحازماً على مستوى القيادة العليا، حيث يتعين على القادة وضع المعايير والتوقعات بالنسبة للسلوك الشامل والعادل، وتصميم نماذج فعالة لأنشطة الشركة، والاتسام بالقدوة من أجل المساعدة على تحديد ثقافة شركاتهم سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. كما يتعين عليهم الالتزام بوضع المعايير والتوقعات الخاصة بالسلوك الشامل، يجب أن يحددوا ثقافة شركاتهم من خلال القدوة، يوماً بعد يوم. والأهم من ذلك، يجب على القادة التفكير في كيفية تدريب خلفائهم في المستقبل وضمان أن يظل التنوع مكوناً أساسياً لتحقيق نمو شركتهم على المدى الطويل.
إن اعتماد مبادئ التنوع والإنصاف والإدماج في الشركة أمر معقد ودقيق. وفي حال تم تطبيق هذه المبادئ بنجاح، يمكن أن يحقق عوائد تجارية كبيرة للشركات الراغبة في الاستثمار.
- محلل مالي معتمد والرئيس الإقليمي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين
نقلا عن الخليج