سداد ثمن الغاز بالروبل.. ماذا يعني لأوروبا وروسيا؟
بوابة الاقتصاد
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا لن تقبل سوى مدفوعات بالروبل لقاء إيصال الغاز إلى «دول غير صديقة»، بما في ذلك جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، بعد فرض عقوبات مشددة عليها جراء غزوها لأوكرانيا.
وبعيد موقفه هذا ارتفع سعر صرف العملة الروسية مقابل الدولار واليورو.
وقال بوتين خلال اجتماع حكومي نقله التلفزيون «قررت تنفيذ مجموعة من الإجراءات لجعل مدفوعات إمدادات الغاز إلى دول غير صديقة بالروبل الروسي»، ووجه بتنفيذ التغييرات في غضون أسبوع.
لكن بوتين أكد أن بلاده ستواصل ضخ كميات الغاز المنصوص عليها في العقد.
وأمر بوتين البنك المركزي والحكومة بأن يحددا «في مهلة أسبوع» النظام الجديد الذي يفترض أن يكون «واضحا وشفافا» ويتضمن «شراء الروبل من سوق الصرف» الروسية، وألمح أيضا الى ان صادرات روسية أخرى ستتأثر.
وقال بوتين، «من الواضح أن تسليم بضائعنا إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتلقي الدولار واليورو والعملات الأخرى، لم يعد له معنى بالنسبة لنا».
وسارعت أوكرانيا إلى التنديد بالموقف الروسي الذي رأت فيه «حربا اقتصادية» على الاتحاد الأوروبي، وبمساعي روسيا لـ«تقوية عملتها».
وعلى تلغرام أشار مستشار الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك إلى أن «الغرب يمكن أن يفرض على روسيا حظرا نفطيا من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الاقتصاد الروسي».
وتابع «لقد بات ذلك الآن معركة اقتصادية مفصلية، وعلى الغرب ان ينتصر فيها بصورة جماعية».
والأربعاء حذّرت ألمانيا من أن حصر الدفع لقاء ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا بالروبل يشكل خرقا للعقد.
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن «الإعلان عن التسديد بالروبل… (يشكل) خرقا للعقد»، مشيرا إلى أن بلاده «ستبحث مع شركائها الأوروبيين كيفية الرد على هذا الأمر».
وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا كانت ألمانيا تستورد من روسيا 55 بالمئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي.
وشدد دبلوماسي أوروبي رفيع طالبا عدم كشف هويته على وجوب تنفيذ العقد بكل بنوده، لكنّه أضاف «سيتعين علينا أن نرى في الأسابيع المقبلة ما يعنيه هذا الأمر عمليا في التطبيق».
وفرضت الدول الغربية عقوبات مشددة على موسكو منذ أن بدأت غزوها لأوكرانيا. وجمّد الغربيون حوالى 300 مليار دولار من الاحتياطي الروسي الموجود في الخارج، في خطوة وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء بانها «سرقة».
وفرضت واشنطن حظرا على استيراد الغاز والنفط الروسيين، إلا أن الاتحاد الأوروبي الذي استورد من روسيا نحو 40 بالمئة من احتياجاته من الغاز في العام 2021 لم يفرض حظرا مماثلا.
لكن بروكسل اعلنت مؤخرا أنها تعتزم تقليص وارداتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين بحلول نهاية العام، كما تبحث في فرض حظر على النفط الروسي.
«قرار تاريخي»
تعمل موسكو من جهتها منذ سنوات على وقف ربط اقتصادها بالدولار، بهدف الحد من آثار العقوبات.
في آذار/مارس 2019، أعلن عملاق الغاز الروسي العام «غازبروم» عن أول صفقة بيع غاز بالروبل الى شركة أوروبية.
وقال الكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء المكلف شؤون الطاقة الأربعاء «من الواضح تماما أنه بدون المحروقات الروسية، واذا تم فرض عقوبات، ستنهار أسواق الغاز والنفط. ارتفاع أسعار موارد الطاقة يمكن ألا يكون متوقعا».
من جهته أشاد رئيس مجلس الدوما الروسي (مجلس النواب في الجمعية الاتحادية الروسية) فياشيسلاف فولودين بخطوة بوتين ووصفها بأنها «قرار تاريخي».
وعلى تلغرام اعتبر فولودين أن «رفض تلقي المدفوعات بالدولار واليورو قرار تاريخي، من دونه، من المستحيل خلق سيادة مالية واقتصادية لروسيا».
لكن المحلل تيموثي آش في مركز «بلوباي آسيت ماناجمنت» اعتبر أن «من الصعوبة بمكان اعتبار خطوة بوتين إيجابية للروبل».
وقال إن بوتين يسعى بشكل أساسي إلى إجبار الدول الغربية على التعامل مع المصرف المركزي الروسي الذي فرضت عليه عقوبات.
واعتبر أن هذا الأمر سيدفع بتنويع الموارد بعيدا من الطاقة الروسية.
وبحسب مجموعة «لوكو إنفست» للاستثمار، تشكّل الدول التي تم تصنيفها «غير صديقة» أكثر من 70% من الجهات المستوردة للطاقة الروسية من حيث الإيرادات.
وشددت المجموعة أيضا على المخاطر التي يشكّلها نفاد مخزون شركة غازبروم من العملات الأجنبية على قدرتها على سداد ديونها في المستقبل.
لكن المحلل آندرو وايس في «مؤسسة كارتيغي» اعتبر أن «بوتين يعرف بالتأكيد كيفية إقامة رافعة واستغلالها».
وأشار على تويتر إلى أن «بوتين استخدم بصورة روتينية التصعيد في أوضاع كهذه لتخريب مخططات خصومه»، مشددا على عدم وجود ما يدعو إلى اعتبار أن هذا الأمر قد تغيّر.
(أ ف ب)