د. يحيى الشحي يكتب: استراتيجية اللعبة

بوابة الاقتصاد

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تحقيق إنجازات متتالية وعلامات تميز. وهي تعكس بوضوح أنها تواصل مسيرتها نحو سياقات محددة وواضحة في إطار أهدافها السامية المتمثلة في التنمية والتعايش السلمي والتضامن. وتجدر الإشارة إلى أنها تمكنت منذ إنشائها من تحقيق أهدافها الاستراتيجية في سياق بيئة إقليمية وعالمية سريعة التغير ومليئة بالتحديات المختلفة.
بل إن هذه الاستراتيجيات أسهمت بشكل كبير في التنمية واستدامتها، وكان لها تأثير إيجابي واسع النطاق. وعليه، فقد قام نظامها على مختلف المستويات بحمايتها بالعديد من التشريعات والقوانين التي توفر بيئة مثالية ومشجعة ووقائية لتعزيز النشاط الاجتماعي والاقتصادي وفق إطار يراعي التنوع الأيديولوجي البشري ويعزز بيئة الأعمال التنافسية.
إضافة إلى ذلك، عززت نظامها المالي والنقدي بآليات استطاعت مواجهة العديد من الاضطرابات الجيوسياسية والصدمات الاقتصادية والتقلبات في الأسواق العالمية، وتعزيز ميزان مدفوعاتها ومركزها التجاري وتنويع احتياطياتها وقطاعاتها. والأهم من ذلك أنها عززت موقعها من خلال العديد من التحالفات الاقتصادية والشراكات مع مختلف القوى الاقتصادية العالمية بغض النظر عن أيديولوجياتها السياسية المختلفة.
لذلك، فإن تفاعل استراتيجياتها العليا واضح كسياق لإيمانها وتميزها في التفكير العقلاني. مع العلم أن الاستراتيجيات التي تدفعها إلى الصدارة والتميز ليس من السهل تحقيقها، بل هي نتاج دراسة البيئة وإدراك التفاعلات فيها. منوهاً إلى صعوبة استنتاج البيئة التي يتفاعل فيها اللاعبون وفق نهجهم وإطار ممارستهم في تحقيق أهدافهم. نظراً لأنه لا يمكن التنبؤ بدقة بمحركات هذه التفاعلات، وفهم إطار عمل اللاعبين ونهجهم في كثير من الأحيان.
كسياق تحليلي، فإن تحقيق التطلعات الوطنية والاستدامة المرجوة يشبه أمواج البحر القوية التي تدفعك بعيداً عن مسار التنمية إذا لم تفهم قواعد نظرية اللعبة (Game Theory). وهو العلم الذي يتم من خلاله تقديم النظرية لشرح استراتيجيات الاتجاه الأفضل لاتخاذ قرار في ظروف معينة للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة، ويعكس بوضوح البصمات البشرية التي تتأرجح بين التعاون والتحدي والمنافسة والبقاء والهيمنة. وهكذا فإن نظرية إستراتيجية اللعبة تعكس أن الإنتاج والتبادل هو تفاعل بين أطراف متعددة، لكن هذه التفاعلات يمكن أن تؤدي إلى مواجهات كارثية والعكس صحيح. تاريخ البشرية هو تاريخ يحمل في طياته إمكانات المعركة والتعاون والوئام معاً. اللاعب العقلاني هو الشخص الذي يمكنه أن يقود صياغة قراراته وتحالفاته على شروط تحقيق أهدافه.
لذلك، في عالم به العديد من التفاعلات والدوافع البشرية المتباينة، من الصعب جداً تحقيق النجاح والطموحات إذا لم يكن لديك المعرفة والوعي وعمق التفكير الاستراتيجي والتكتيكي الذي تتكيف معه وتتعامل معه بعقلانية.

نقلا عن الاتحاد