جزر فيرجن البريطانية “الملاذ الامن” تحت مجهر التدقيق بحثا عن الاموال الروسية
بوابة الاقتصاد
صمدت جزر فيرجن البريطانية في وجه بعض العواصف المدمرة. عندما ضرب إعصار إرما الإقليم برياح سرعتها 220 ميلا في الساعة في 2017، قتل خمسة أشخاص وتضررت أكثر من 80 في المائة من المباني.
لكن الأرخبيل الكاريبي الشرقي يواجه الآن اضطرابات من نوع مختلف بعواقب لا يمكن توقعها على دوره في التمويل العالمي. التحدي الأكثر إلحاحا هو تحقيق الحكومة البريطانية في مزاعم فساد وتواطؤ بين كبار السياسيين في الجزر والجريمة المنظمة، الذي من المقرر أن يتم إعلانه بشكل رسمي بحلول منتصف نيسان (أبريل).
ما يلوح في أفق الجزر أيضا هو مشروع قانون الجرائم الاقتصادية الذي تم تسريع تمريره في البرلمان بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية. سيلزم هذا القانون الشركات الخارجية التي لها ممتلكات بريطانية بالإفصاح عن مالكيها المستفيدين.
في العام المقبل سيأتي الموعد النهائي من لندن لإطلاق جزر فيرجن البريطانية سجلا متاحا للعامة يظهر الملاك النهائيين لمئات الآلاف من الشركات الدولية المسجلة محليا، الذي يرى أحد الخبراء أنه ليس إلا “وتدا يخترق قلب” نموذج عمل التمويل الخارجي.
تأتي هذه التهديدات لجزر فيرجن البريطانية والصناعة الخارجية العالمية وسط تشدد في المواقف عالميا تجاه التمويل الخارجي بعد سلسلة من تسريبات الملفات السرية التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.
أظهرت الوثائق كيف استخدم بعض السياسيين ورجال الأعمال الأثرياء في العالم السرية التي توفرها السلطات القضائية الخارجية مثل جزر فيرجن البريطانية لإخفاء المكاسب غير المشروعة أو التهرب من الضرائب.
يشعر سكان الجزيرة بالثقة من أنهم سيتغلبون على العواصف الأخيرة لكن الخبراء الدوليين أقل ثقة بذلك – يتساءل بعض حول ما إذا كانت صناعة التمويل الخارجي مستدامة في شكلها الحالي.
لن يشعر نقاد الملاذ الضريبي بالأسف لرؤية الصناعة تنحسر أو تختفي. يرى كثيرون أن جزر فيرجن البريطانية وغيرها من المراكز الخارجية، مثل جزر تشانيل وجزر كايمان، كشبكة مصممة لإخفاء المخالفات، خاصة التهرب الضريبي. لكن الملاذات الضريبية نفسها وعملاءها يصرون على أنه من المشروع تماما تقليل الضرائب عبر وسائل قانونية، وحماية الأصول من الاضطرابات السياسية في الدول غير المستقرة والتماس السرية لحماية الخصوصية ما يقلل من خطر الانتباه غير المرغوب فيه، سواء من الإرهابين أو الخاطفين أو المتعقبين.
تضاءلت المزايا الضريبية في العقدين الماضيين، لكن جاذبية إخفاء الملكية زادت فقط بالنسبة إلى كثير من العائلات الثرية في عصر الإنترنت.
إذن ما الأسئلة التي تطرحها التهديدات الأخيرة لجزر فيرجن البريطانية والملاذات الضريبية بشكل عام بالنسبة إلى المستثمرين الأثرياء المقيمين في المملكة المتحدة، سواء كانوا مقيمين لأغراض ضريبية أو غير المقيمين، عادة لأنهم مواطنون أجانب أو لديهم روابط قوية مع بلدان أخرى؟
“السرية مهمة جدا”
قد لا يلام الزائر العادي لجزر فيرجن البريطانية على عدم انتباهه لصناعة التمويل الخارجي العملاقة تماما. يمكن أن ترى من الجو أبرز سمات الجزر، وهي التلال الخضراء شديدة الانحدار التي تؤدي إلى الشواطئ الرملية البيضاء التي تحيط بها البحار الفيروزية. عند دخولك إلى العاصمة الصغيرة رود تاون، يلوح في الأفق مرسى اليخوت ومحطة سفن الرحلات السياحية. تقع المكاتب في أبنية منخفضة ومتواضعة، ويوجد في كثير منها متاجر على الشارع.
لكن الشركات البالغ عددها 373 ألفا المسجلة في جزر فيرجن البريطانية تمتلك حصة مهمة من الثروة العالمية. قدرت دراسة في 2017 أجرتها شركة كابيتال إيكونوميكس أن كيانات جزر فيرجن البريطانية تسيطر على أصول بقيمة 1.5 تريليون دولار، ليس هناك رقم رسمي. يستشهد صندوق النقد الدولي بالتقديرات التي تضع إجمالي الثروة الشخصية في الملاذات الضريبية عند 8.7 تريليون دولار إلى 36 تريليون دولار. يظهر الفرق بين الرقمين مدى ضآلة ما هو معروف.
سهولة عملية تأسيس شركة في جزر فيرجن البريطانية، إلى جانب الخصوصية المضمونة، جعلها تحظى بشعبية منذ زمن بعيد بين الأفراد الأثرياء والشركات الكبرى التي تتطلع لحماية أصولها.
أخبر رئيس وزراء جزر فيرجن البريطانية، أندرو فاهي، لـ”فاينانشال تايمز” في مقابلة أجرتها معه، “إننا نفتخر بأننا، على مدار الـ40 عاما الماضية طورنا شبكة ذات مستوى عالمي من مقدمي الخدمات المالية الدولية، إلى جانب الأنظمة الرقمية المتقدمة والممارسات التنظيمية في إطار القانون العام. كما أننا ندرك أن الأمان والسرية مهمان للغاية”.
يتفق العملاء ومحاموهم مع هذا القول. يقول سيمون جولدرينج، خبير الضرائب الدولي في شركة ماكديرموت ويل آند إيمري للمحاماة، إن حيازة ممتلكات بريطانية عبر هياكل جزر فيرجن البريطانية لم يعد يقدم مزايا ضريبية، حتى بالنسبة إلى الأفراد غير المقيمين، بعد التحركات الحكومية خلال العقد الماضي لجلب الممتلكات المملوكة خارجيا إلى شبكات أرباح رأس المال وضرائب الميراث. يقول، “الفائدة الرئيسة الآن هي السرية. لدى العملاء الأثرياء ممتلكات في المملكة المتحدة عبر شركات خارجية بشكل أساس بسبب السرية لأنهم شخصيات معروفة ومرموقة”.
من المحتمل أن يتم تهديد السرية من مشروع قانون الجرائم الاقتصادية، بمجرد تمريره بشكل كامل عبر مجلس اللوردات. ومجلس العموم وافق على هذا الإجراء.
أيضا امتلاك أصول بريطانية عبر شركات في جزر فيرجن البريطانية لن يساعد الروس الأثرياء على تفادي العقوبات بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تعهدت الجزر بمساعدة حكومة المملكة المتحدة على تطبيق أي إجراءات عقابية.
يقول جولدرينج إن شركات جزر فيرجن البريطانية ستظل خيارا شائعا للأفراد الأثرياء لحيازة أصول غير عقارية مثل الشركات التجارية أو الأسهم أو السندات. قد يتضمن الهيكل العام محفظة استثمارية تملكها شركة في جزر فيرجن البريطانية، التي بدورها مملوكة من صندوق خارجي يقع إما في جزر فيرجن البريطانية وإما سلطة قضائية أخرى مثل جزر تشانيل.
بموجب هذا الترتيب، يمكن تخفيف ضريبة الميراث وضريبة أرباح رأس المال البريطانية للأفراد في المملكة المتحدة غير المقيمين – حتى بعد 15 عاما عندما “يعدون مقيمين” في المملكة المتحدة، ما يعني أنهم يعدون بموجب القانون مقيمين.
علاوة على ذلك، مع تعرض الملاذات الضريبية لمزيد من الرقابة الدولية بعد تسريبات الأوراق السرية، أشار محامون إلى أن المراكز ذات السمعة القانونية الأفضل أصبحت أكثر شعبية على حساب غيرها – وهو تحول أفاد جزر فيرجن البريطانية، إلى جانب جزر كايمان وجزر تشانيل.
تقول لورا بيركنز، المحامية في شركة كولاس كريل في جيرسي، “بعد أوراق باناما وأوراق باراديس كان هناك بالتأكيد هروب إلى الجودة. الأفراد الذين يمتلكون ثروات صافية عالية قلقون حقا من الخطر على السمعة، وخطر السمعة المرتبط بسلطات قضائية معينة أعلى من غيره”.
تقول بيركنز إن جزر فيرجن البريطانية تجذب العملاء الأثرياء لأنه بإمكانهم الحصول على “مكاتب محاماة محترمة، وسهولة الوصول إلى مشورة عالية الجودة (…) ونظام محاكم يحظى باحترام كبير مع حق مطلق في الاستئناف أمام المجلس الاستشاري (…) وهي مستقرة جدا من الناحية السياسية”.
التحقيق في الفساد يؤدي إلى اضطراب
تعد جزر فيرجن البريطانية من آخر ما تبقى من الإمبراطورية البريطانية، وتحكم بموجب ترتيب غريب بسلطة مشتركة بين حاكم مبعوث من وزارة الخارجية ورئيس وزراء منتخب محليا.
على الرغم من اسم الإقليم، فإن الأدلة على حكم بريطاني ضئيلة. الهندسة المعمارية للعاصمة رود تاون والجزيرة الرئيسة تورتولا أمريكية أكثر من أي شيء آخر، مثل البرجر في قوائم الطعام والملابس في المتاجر. العملة هي الدولار الأمريكي ورموز السلطة البريطانية غيابها واضح.
لذلك فإن قرار الحاكم أوجستوس جاسبيرت العام الماضي، مباشرة قبل تركه للمنصب، بممارسة سلطات الحقبة الاستعمارية لتعيين لجنة تحقيق من لندن للتحقيق في مزاعم فساد حاد، مزق هذا النسيج الدستوري الحساس بقوة كالإعصار.
لم يكن لدى فاهي تحذير مسبق ولا زال غاضبا. قال لـ”فاينانشال تايمز”، “من المؤسف أن يكون الحاكم السابق قد أطلق بعض المزاعم التي لا أساس لها تجاه الإقليم والتي من المحتمل أن تضر بسمعتنا. حتى الآن وجد التحقيق أن هذه المزاعم لا أساس لها. إننا ندعو الحاكم السابق للاعتذار”.
في حين رحب بعض سكان الجزيرة بالتدقيق الذي قدمه التحقيق باعتباره أمرا طال انتظاره، ذكر آخرون الاستياء الذي سببه بشكل رئيس استجواب المحامين ذوي البشرة البيضاء من لندن للسياسيين المنتخبين ذوي البشرة السوداء في جلسات الاستماع العلنية.
عقد السير جاري هيكينبوتوم، قاضي محكمة الاستئناف المتقاعد الذي يقود التحقيق، 55 يوما من جلسات الاستماع العلنية العام الماضي. ظهرت أدلة تشير لوجود بعض الممارسات الخاطئة: أحد الأمثلة إعادة بناء جدار مدرسة، مقسما إلى 70 أمر عمل لشركات متعددة وفاتورة إجمالية تزيد على 1.1 مليون دولار.
في قضايا مثل هذه، تستعد جزر فيرجن البريطانية لعناوين الأخبار الرئيسة السيئة. لكن المسؤولين في رود تاون يصرون على أنه لم يتم تقديم أي دليل أمام لجنة التحقيق لإثبات المزاعم الكبيرة التي أطلقها جاسبيرت بشأن صلات الحكومة بتجار المخدرات.
قال فاهي، “سننتظر نتيجة التحقيق. لكن الأمر الوحيد الذي أعلمه هو أننا سنبذل قصارى جهدنا لحماية سمعة جزر فيرجن”.
أحال جاسبيرت الأسئلة التي تتعلق بالفترة التي قضاها حاكما إلى وزارة الخارجية. في الأدلة التي قدمها في التحقيق لم يخض في التفاصيل بشأن ادعاءاته، لكنه نفى أن يكون الدافع وراء التحقيق هو انهيار علاقته مع فاهي.
رفض مسؤولون في وايت هول التحدث قبل نشر التقرير، قائلين إنهم لن “يحكموا مسبقا على نتيجة” تحقيق “مستقل”.
تستغل حكومة فاهي، الواثقة من نزاهتها، الوقت حتى يتم نشر تقرير اللجنة لتدافع عن نفسها دفاعا قويا. مثل السير جيفري كوكس، النائب عن حزب المحافظين ومدعي عام سابقا، حكومة جزر فيرجن البريطانية في التحقيق. أثيرت الدهشة بعد تقارير تفيد بأنه تقاضى مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية على شكل أتعاب وقضى عدة أسابيع العام الماضي في فيلا في جزر فيرجن البريطانية.
امتنع السير جيفري عن التعليق لكنه قال في بيان إن عمله في جزر فيرجن البريطانية أسيئ وصفه. قال، “هذا ليس ‘للدفاع’ عن ملاذ ضريبي أو، كما ورد بشكل غير صحيح، للدفاع عن أي مخالفات لكن لمساعدة التحقيق العام على الوصول إلى الحقيقة. لم يتم تقديم أي دليل على التهرب الضريبي أو الفساد الشخصي قبل التحقيق”.
أوراق باناما غيرت من المواقف
نظرا إلى افتقارها التربة الخصبة والأرض المستوية الموجودة في الدول الكاريبية الأخرى، لم تكن الزراعة أبدا خيارا لجزر فيرجن البريطانية. مدرج المطار الرئيس قصير جدا بالنسبة إلى معظم الطائرات، ما يستبعد السياحة الجماعية. بدلا من ذلك، سعت جزر فيرجن البريطانية لمزيج من الخدمات المالية والسفر الفاخر باعتبارها “عاصمة اليخوت في العالم”.
نظرا إلى المنافسة بين الجزر الكاريبية على صناعة التمويل الخارجي المربحة، كانت جزر فيرجن البريطانية بحاجة إلى التخصص. من هنا، توصلت مجموعة صغيرة من المغتربين والسكان المحليين في النهاية إلى فكرة ناجحة، شركات خارجية سهلة الإنشاء، معفاة من جميع ضرائب جزر فيرجن البريطانية، مع رسوم تسجيل منخفضة وحد أدنى من المعاملات وضمان سرية تامة “تفضل الصناعة تسميتها بالخصوصية”.
قدمت الشركات الجديدة مرونة في هياكلها التي كانت ثورية في قانون الشركات في ذلك الوقت، ما أتاح مجالا واسعا لعمليات الاندماج والاستحواذ والتغييرات السريعة في العمليات.
أصدرت جزر فيرجن البريطانية في 1984 قانونا يسمح بتأسيس وتسجيل الشركات الدولية فيها وانطلقت في ذلك بسرعة، خاصة بعد الغزو الأمريكي لمنافستها الرئيسة بنما في 1990. في ذروة القانون، كان لدى جزر فيرجن البريطانية أكثر من 700 ألف شركة مسجلة وكانت تحظى بشعبية خاصة في سوق هونج كونج، حيث كانت جميع الشركات الخارجية تعرف باسم “جزر فيرجن البريطانية”. قدمت رسوم التسجيل عائدات سريعة النمو للحكومة واستقطبت الصناعة محامين ومستشارين ومحاسبين مغتربين أثرياء.
ازدهرت الجزر لكن الجهات التنظيمية الدولية بدأت تشعر بالقلق. تنبهت سلطات الضرائب بشأن خسارة الإيرادات من الثروات المخبأة في الكيانات الخارجية وبدأت في تشديد قواعد الامتثال. اضطرت جزر فيرجن البريطانية إلى تغيير لوائحها الضريبية وتحديث تشريعاتها الخاصة بالشركات.
كان نشر أوراق بنما في 2016 بمنزلة نقطة تحول في المواقف العامة. كشفت ملايين الملفات المسربة من شركة موساك فونسيكا للمحاماة معلومات عن 214 ألف كيان خارجي، يقع أكثر من نصفها في جزر فيرجن البريطانية.
في العام التالي، أدخلت جزر فيرجن البريطانية نظام بي أو إس إس، وهو نظام كمبيوتر للبحث في سجلات الشركات للحصول على تفاصيل المالكين المستفيدين. يمكن لمؤسسات إنفاذ القانون الأجنبية والمحاكم الوصول إلى النظام، وهو أمر تعده جزر فيرجن البريطانية مثالا.
قال فاهي، “أشادت سلطات إنفاذ القانون في المملكة المتحدة بنا لما فعلناه بنظام بي أو إس إس. هذا يبين لنا ثقتهم في نظامنا بأننا مسؤولين تماما”.
الخبراء الدوليون يعترفون بالتطورات. يقول باسكال سانت أمانز، مدير مركز منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للسياسة الضريبية والإدارة، “يمكن لجزر فيرجن البريطانية أن تفعل ما هو أفضل، ويجب أن تفعل ما هو أفضل، لكن بصراحة، لقد أحرزت تقدما كبيرا”.
“لقد بدأت من لا شيء، لم يكن هناك شيء متاح. لم يكن هناك شيء يمكن الوصول إليه. الآن لديك شيء مثل سجل الشركات، ولديك بعض المعلومات عن الملاك المستفيدين، ولديك حق الوصول إلى التبادل التلقائي للمعلومات. لذا صحيح إنهم فعلوا الكثير. هل يكفي هذا لتكون ممتثلا بشكل تام؟ لا”.
اليوم، تروج مجموعة من المواقع الإلكترونية لخدمات تسجيل الشركات في جزر فيرجن البريطانية، من حيث التكلفة المنخفضة والراحة والسرية. مقابل مبلغ ألف دولار فقط، سينشئ مقدمو خدمات الشركات كيانا في جزر فيرجن البريطانية في غضون يومي عمل وسيصيغون النظام الأساس للشركة وسيقدمون شهادة تسجيل. المعاملات قليلة جدا.
أما الطلب فيأتي من جميع أنحاء العالم. وفقا لتقرير 2017 الصادر عن “كابيتال إيكونوميكس”، كان 42 في المائة من مالكي ومستفيدي شركات جزر فيرجن البريطانية من آسيا، و18 في المائة من أمريكا اللاتينية، و10 في المائة من المملكة المتحدة، و8 في المائة من الاتحاد الأوروبي، و7 في المائة من الولايات المتحدة وكندا. وشكل الروس 3 في المائة.
تقول سلطات جزر فيرجن البريطانية إن وكلاء الشركات يقومون بإجراء تدقيق “اعرف عميلك” على أسماء مديري الشركات وحملة أسهمها، وتعزيز التدقيق الإلزامي على الأفراد ذوي العلاقات السياسية.
إنها تشير إلى أن هذا أكثر صرامة من المملكة المتحدة، حيث يمكن للأفراد تسجيل شركة عبر الإنترنت دون تدقيق. تقول إليز دونوفان، الرئيسة التنفيذية لهيئة بي في آي فاينانس التجارية، “لطالما افتخرنا بأنفسنا بالتأكد من أننا سلطة قضائية تعاونية للغاية. عندما تنظر إلى تصنيف الامتثال الخاص بنا، فإنه يتساوى مع تصنيف المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة ويتفوق عليهما في بعض الحالات”.
تضيف، “إننا نريد تأسيس شركات عالية الجودة في سلطتنا القضائية. إننا لا نوفر ملاذا لأي شخص متورط في أنشطة شائنة”.
مستقبل خارجي؟
يشكل تشدد المواقف الدولية تجاه التهرب الضريبي والسرية المالية التحدي الأكبر حتى الآن لنموذج الشركات في الإقليم.
يصف أليكس كوبهام، رئيس شبكة العدالة الضريبية، مطلب المملكة المتحدة من جميع الأقاليم الخارجية بتقديم سجل عام للملكية المستفيدة للشركات بحلول نهاية 2023 باعتباره “وتدا في قلب” جزء كبير من نموذج الشركات الخاص بجزر فيرجن البريطانية، على الرغم من أن كيفية تنفيذ جزر فيرجن البريطانية لهذا المطلب بالضبط لا تزال قيد التفاوض.
عندما يقترن ذلك باتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية العام الماضي لفرض حد أدنى عالمي من الضريبة على الشركات يبلغ 15 في المائة، “فما هو النموذج؟ إذا لم تكن هناك سرية ولا نقل لأرباح الشركات، فماذا لديك إذن؟”، حسبما يقول.
وقعت جزر فيرجن البريطانية على مبادرة الضرائب الخاصة بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن الحد الأدنى لمعدل الضريبة البالغ 15 في المائة ينطبق فقط على الشركات التي يبلغ حجم عائداتها السنوية أكثر من 750 مليون يورو، ولدى جزر فيرجن البريطانية القليل جدا منها. كثير من شركات جزر فيرجن البريطانية لا تتاجر، هي ببساطة تمتلك أصولا.
يقول روبرت بارينجتون، أستاذ ممارسة مكافحة الفساد في جامعة ساسيكس، إنه ربما لا يزال هناك دور للمراكز المالية الخارجية “لكننا لسنا بحاجة إليها جميعا – جيرسي وجويرنسي وجزر فيرجن البريطانية وجزر كايمان وغيرها – لسنا بحاجة إلى مراكز مصنعة لشركات وهمية”.
يصر سكان الجزر على أن مرونتهم ستضمن استمرار جزر فيرجن البريطانية في الازدهار.
تقول دونوفان من بي في آي فاينانس، “جزر فيرجن البريطانية هي، كما أقول دائما، المحرك الصغير الذي يستطيع”، في إشارة إلى الحكاية الشعبية الأمريكية. “إننا سلطة قضائية ستفعل دائما كل ما يلزم للتأكد من استمرارنا في الازدهار والاستدامة وأن نكون جزءا من الاقتصاد العالمي”.
يتبنى المحامون الدوليون وجهة نظر أكثر دقة، مؤكدين الضغط العالمي على الملاذات. تقول بيركنز من “كولاس كريل” إن مقترحات حكومة المملكة المتحدة لفرض إفصاح عام عن الملاك المستفيدين ستكون “تحديا لجميع السلطات القضائية الخارجية”.
لكنها تعتقد أنه حتى لو أصبحت البيئة الدولية أكثر صرامة، فإن الهروب الأخير إلى الجودة سيظل مفيدا لجزر فيرجن البريطانية. تقول، “نأمل أن تكون جودة الخدمات القانونية وخدمات التوكيل وخدمات الشركات المقدمة في جزر فيرجن البريطانية كافية لمواصلة جعلها سلطة قضائية جذابة”.