آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

عدنان أحمد يوسف يكتب: فصـل روسيـا عن «سويفت».. ماذا يعني؟

بوابة الاقتصاد

مع اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عقوبات واسعة وشديدة على روسيا، شملت مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، والمالية والمصرفية والتجارية. ومن أهم وأخطر العقوبات التي فرضت على روسيا، والتي سوف يكون لها تأثير كبير على النظامين الماليين الروسي والعالمي، هو قرار فصل بعض المصارف الروسية عن نظام التحويل المصرفي «سويفت» SWIFT ومنعها من التعامل بهذا النظام، بهدف حرمانها من إمكانية إجراء تحويلات مالية عبر الحدود.

فماذا يعني نظام سويفت؟ وما مدى أهميته؟ وما هي البدائل المتاحة؟

وفقاً لدراسة أعدها اتحاد المصارف العربية حول الموضوع، «سويفت» هي شركة دولية مقرها في بلجيكا، تأسست عام 1973 بواسطة 239 مصرفاً توزعت على 15 بلداً. أسست هذه الشركة شبكة للتحويلات المالية تحت الاسم ذاته «سويفت» عام 1977، واستخدمت تقنيات حديثة في التحويلات المصرفية. وعوضاً عن التلكس الذي لم يكن آمناً يشمل النظام حالياً أكثر من 200 دولة، ويشارك فيه أكثر من أحد عشر ألف مؤسسة مالية ومصرف حول العالم. يشرف على شبكة سويفت البنك المركزي البلجيكي بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم، وتمتلكه مجموعة من 2000 مؤسسة مالية حول العالم.

يساعد نظام سويفت في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة لأعضائها. وتعمل شبكة سويفت المالية عن طريق تعيين رمز معرف فريد لكل مؤسسة أو مصرف عضو في الشبكة، ويتضمن الرمز معلومات وبيانات تتكون من رموز وأرقام تدل على اسم المصرف أو المؤسسة، والبلد التابع لها، والمدينة والفرع بشكل مفصل.

وقد سجل نظام سويفت عام 2021 نحو 42 مليون معاملة مصرفية يومياً، وبزيادة 11% عن العام السابق. كما بلغت حصة روسيا من المعاملات المالية اليومية المصرفية الدولية نحو 1.5% من إجمالي المعاملات.

وفصل روسيا عن النظام يشمل حالياً سبعة مصارف روسية بهدف منعها من الولوج إلى النظام المالي الدولي. وبحسب وكالة بلومبيرج، فإن إقصاء روسيا بالكامل عن النظام قد يؤدي إلى خسارة 40% من إيراداتها العالمية، أي نحو 200 مليار دولار، والتي تمثل عائداتها من صادراتها النفطية؛ حيث تعتمد روسيا بشكل كبير على نظام «سويفت» بسبب هذه الصادرات.

وقد أبدت معظم الدول التي فرضت عقوبات على روسيا تخوفها من التداعيات المحتملة على اقتصادها وشركاتها، حيث سيتعين على الشركات التي لديها استحقاقات مالية على روسيا إيجاد طرق بديلة لتحصيل الأموال. هذا بالإضافة إلى احتمال حدوث فوضى مصرفية دولية كبيرة.

بعد دعوات فصل روسيا عن نظام سويفت في 2014 عندما ضمت شبه جزيرة القرم، قام بنك روسيا وهو البنك المركزي الروسي بتطوير بنية تحتية مالية محلية لمواجهة مثل ذلك التهديد في المستقبل، من خلال إنشاء شبكة خاصة كنظام بديل للرسائل المالية الإلكترونية ضمن روسيا يسمى اختصاراً SPFS، والذي – وفقاً لبنك روسيا – يبلغ عدد المنضمين إليه نحو 400 مستخدم. وبلغت التحويلات المحلية عبر النظام نحو 20% من مجمل التحويلات الداخلية عام 2020.

وبسبب عدم تمكن النظام بمفرده من توفير بديل مناسب لنظام سويفت، أعلنت روسيا عام 2016 عن خطط لدمج نظامها مع نظام CIPS الصيني، الذي تمّ إطلاقه عام 2015. ونظام CIPS هو أكبر بكثير من نظام SPFS، حيث ضم 1280 مؤسسة مالية في 103 دول ومنطقة بنهاية العام 2021، كما تم إجراء معاملات بقيمة 13 تريليون دولار عبره. لكن النظام الصيني لا يزال يعمل بشكل وثيق مع نظام سويفت من أجل الوصول إلى شبكته الأوسع.

التعاون بين روسيا والصين قد يساعد على التقليل من تداعيات فصل روسيا عن نظام سويفت، وخاصة في التبادل التجاري، خاصة أن الصين تمثل أكبر شريك تجاري لروسيا من حيث الصادرات والواردات؛ حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين عام 2021 نحو 147 مليار دولار. وقد توسعت التجارة الثنائية بينهما بأكثر من 50% منذ إعلان العقوبات الغربية ضد روسيا في عام 2014، كما من المتوقع أن تزيد العقوبات الحالية من اعتماد روسيا على الصين في التجارة الخارجية. وقد شكلت التجارة القائمة على اليوان نحو 28% من الصادرات الصينية إلى روسيا في النصف الأول من عام 2021، ما يشير إلى سعي روسيا إلى تقليل اعتماد الدولار في تجارتها الخارجية. كما أن النسبة العالية من الاحتياطيات الأجنبية لروسيا باليوان واتفاقية المبادلة الثنائية الاستراتيجية مع الصين ستسمح لهذه النسبة بالارتفاع.

من جهة أخرى، يمكن لروسيا أيضاً الاستفادة من اتفاقية المقايضة الثنائية طويلة الأمد مع بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني)، حيث تمنح هذه الاتفاقية الطرف المتلقي الحق في تبادل العملات مع الطرف المقابل بسعر فائدة ثابت. ويتم استخدام هذه الاتفاقية لتقليل مخاطر تقلبات العملة في أوقات التقلبات المالية، وكذلك لتيسير التجارة عبر الحدود.

لا شك أن كافة هذه البدائل سوف تخفف من آثار فصل روسيا عن نظام سويفت، لكن لن تقضي على كافة المخاطر التي تهدد النظام المالي العالمي بسبب هذه العقوبات، التي من وجهة نظرنا، سوف يعود ضررها على الجميع وليس روسيا فحسب.

  • رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

نقلا عن الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى