آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

سعود بن هاشم جليدان يكتب: أسعار الوقود العالمية والانتعاش الاقتصادي في السعودية ودول الخليج

بوابة الاقتصاد

ارتفعت أخيرا أسعار الوقود وسجلت مستويات قياسية في معظم دول العالم. وتجاوزت أسعار البنزين سبعة دولارات للجالون في أكثر من 30 دولة، بينما تعدت ثمانية دولارات للجالون في 16 دولة، بل إنها قفزت إلى أكثر من عشرة دولارات للجالون أو عشرة ريالات للتر في أعلى مكانين لمستويات أسعار البنزين، وهما هونج كونج والنرويج. جلب ارتفاع أسعار الوقود معه متاعب جمة للمستهلكين حول العالم، حيث تضخمت تكاليف البنزين والوقود بشكل عام. وتضغط زيادة أسعار الوقود والطاقة بشكل عام على معدلات التضخم التي تعاني أصلا من وصولها إلى مستويات مقلقة ومثبطة للانتعاش الاقتصادي خلال الفترة الحالية. يجبر ارتفاع أسعار الوقود في الدول العالمية الأسر على اقتطاع أجزاء أكبر من دخولها لمخصصات الوقود على حساب نفقات المجموعات الاستهلاكية الأخرى، وهذا يخفض الطلب على باقي السلع والخدمات ويؤثر سلبا في أسواقها. في جانب الإنتاج ترفع زيادة أسعار الطاقة تكاليف إنتاج السلع والخدمات، ما يدفع بالأسعار إلى أعلى التي يتحملها في الأخير المستهلكون.
جاءت زيادة أسعار الوقود بعد ارتفاعات أسعار النفط الخام الحادة خلال الفترة الأخيرة. وتجاوزت أسعار بعض النفوط في بداية آذار (مارس) الحالي مستويات 130 دولارا للبرميل، لكنها تراجعت في الأيام القليلة الماضية. وقد يتبادر إلى الأذهان أن زيادات أسعار النفط الخام وحدها تقف وراء مستويات أسعار منتجاته القياسية. والحقيقة أن زيادة أسعار النفط الخام ليست السبب الوحيد وراء ارتفاع أسعار المنتجات النفطية. تسهم عوامل أخرى أهمها الضرائب ومضاربات أسواق المال وجشع الوسطاء في تسجيل منتجات النفط – التي أهمها البنزين والديزل – أرقامها القياسية. وللحصول على أسعار المنتجات النفطية تضاف إلى أسعار النفط الخام تكاليف وأرباح مصافي التكرير، وكذلك تكاليف وأرباح التوزيع ومبيعات التجزئة. وتبلغ تكاليف وأرباح التكرير والتوزيع والتجزئة في الأوقات الاعتيادية نحو 20 في المائة من تكاليف النفط الخام، لكنها ترتفع عند تحسن الطلب، وكذلك نتيجة لممارسات التربح والجشع الفاحش أحيانا التي يتبعها المنتجون والبائعون. وتنبغي الإشارة إلى أن أسعار معظم النفوط المبيعة، وخصوصا في الولايات المتحدة، تقل عن أسعار مزيج برنت، لهذا فإن متوسطات أسعار النفط بشكل عام تقل عن أسعار مزيج برنت بعدة دولارات.
جاء ارتفاع أسعار النفط الأخير بشكل مفاجئ، ويبدو أنه مؤقت وتنبغي الإشارة إلى أن صعود أسعار النفط الخام الأخير لم يأت نتيجة ندرة المعروض، وإنما نتج عن العقوبات المفروضة على روسيا التي دفعت الوسطاء إلى تجنب صادرات النفط الروسية، ما ضغط على أسعار النفوط الأخرى إلى مستويات مرتفعة.
تضيف الضرائب التي تفرضها الدول والحكومات المركزية والإقليمية على الوقود، وخصوصا البنزين والديزل،ن أعباء استهلاكية كبيرة تتحملها الأسر في معظم دول العالم. ويستهدف كثير من الدول المتقدمة والنامية أسعار المشتقات النفطية بالضرائب والرسوم لجني الإيرادات. وتشير مصادر الاتحاد الأوروبي إلى أن دوله تفرض في المتوسط ضرائب تصل إلى 2.35 دولار للجالون الواحد، أو نحو 99 دولارا لبرميل البنزين أو الديزل. وتصل الضرائب في هولندا وإيطاليا إلى 3.39 و 3.09 دولار للجالون على التوالي، أي أن حكومتي هاتين الدولتين تجنيان على البرميل 142 و130 دولارا على التوالي، وهذا أعلى مما تجنيه الدول المصدرة المنفقة لأموال طائلة في اكتشافه وتطويره وإنتاجه. أما في الولايات المتحدة، فهناك ضرائب فيدرالية على البنزين والديزل ووقود الطائرات، وتزيد ضرائب الديزل قليلا على ضرائب البنزين. وتفرض الولايات الأمريكية ضرائب متفاوتة تصل أعلى مستوياتها في كاليفورنيا (23.5 دولار لبرميل البنزين، 27.3 لبرميل الديزل) وأقلها في ألاسكا (3.4 دولار لبرميل البنزين). ويتسبب تفاوت الضرائب بين الولايات في معظم التفاوت في أسعار الوقود داخل الولايات الأمريكية. عموما يضاف في المتوسط ما يزيد قليلا على نصف دولار ضرائب لجالون البنزين والديزل في الولايات المتحدة.
ارتفعت شكاوى وتذمر المستهلكين والمنتجين من التضخم الكبير في أسعار الوقود. وبرز إلى النقاشات خلال الآونة الأخيرة كثير من المطالب بمراجعة السياسات المؤثرة في أسعار الوقود. هناك تحركات متعددة في عدد من الدول لمراجعة سياسات ضرائب الوقود المرهقة للمستهلكين، بل ارتفعت في بعض الدول مطالب بضرورة دعم المستهلكين عند ارتفاع الأسعار الحاد. من جهة أخرى، إن بقاء أسعار البنزين والديزل عند مستويات أسعار مرتفعة وقتا طويلا سيحفز ويسرع من إحلال وسائل المواصلات المستخدمة لهما بمستهلكة الكهرباء. وقد ارتفع أخيرا – وبشكل كبير – التوفير الذي يجنيه ملاك السيارات الكهربائية مقارنة بملاك سيارات البنزين والديزل.

زر الذهاب إلى الأعلى