جمال جوهري يكتب: التوجّهات المبتكرة لتعزيز الأمن الغذائي
بوابة الاقتصاد
رغم دخولنا العام 2022، ما زالت جائحة كوفيد-19 تهدد الأمن الغذائي العالمي، بعدما عانت سلاسل التوريد تحديات كثيرة وكشفت الجائحة الكثير من نقاط ضعفها وعجزها عن الحفاظ على تدفق مستدام وموثوق للمواد الغذائية الأساسية حول العالم. وقد نجم عن ذلك توجّه قوي في صناعة الغذاء نحو تحديد طرق جديدة للقيام بتلك المهمة وتحوّل في طريقة إنتاجنا للأغذية.
وحتى قبل تفشي الجائحة، ركّزت حكومات الدول على الأمن الغذائي بشكل متزايد ومنحته الأولوية على جداول أعمالها، كما كثّفت المبادرات لإنشاء منظومة غذائية أكثر أماناً واستدامة.
خلال السنوات الأخيرة، أثّرت تحديات التغير المناخي وانعدام الاستقرار الاقتصادي وتغيّر سلوك المستهلكين بشكل بالغ في إنتاج الغذاء. وحين جاءت الجائحة بمزيد من التحديات، تعرّضت الحكومات لضغوط كبيرة دفعتها لإعادة التفكير في طرق تحقيق أهداف الأمن الغذائي في دولها ودعم الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، وفي ظل الظروف البيئية القاسية كانخفاض معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وقلّة الأراضي الصالحة للزراعة، بات الأمن الغذائي ولا يزال من أولويات قادة دول المنطقة.
دولة الإمارات العربية المتحدة تتّبع نهجاً استباقياً في هذه المسألة، وذلك من خلال اتخاذها إجراءات حاسمة وفعالة لتعزيز دورها الريادي في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق هدفها بالوصول إلى صدارة ترتيب مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول العام 2051.
في العام الماضي، أنشأت دولة الإمارات مجلس الأمن الغذائي الإماراتي لتحقيق أهداف استراتيجية الأمن الغذائي الوطنية. ورسّخ المجلس مكانته ودوره سريعاً كمركز حيوي للبنية التحتية الزراعية واستثمر في تقنيات زراعية مبتكرة جديدة لزيادة الإنتاج المحلي والتوزيع وتحسين مستوى السلامة والتغذية، إضافةً إلى الحدّ من هدر الطعام، وإنتاج الغذاء بكفاءة أعلى. ومع النمو المستمر لعدد السكان، تكتسب هذه المبادرات أهمية كبيرة لتعزيز قدرة الدولة على الاستجابة وتلبية الاحتياجات الاستهلاكية المتزايدة.
وتتطلع الإمارات الآن إلى جوانب جديدة في قطاع الغذاء، مع عدد من المحفّزات والتوجهات المحدّدة لتشكيل مستقبل الغذاء في المنطقة.
- نمو التقنيات الزراعية: تزامناً مع بحث العالم عن حلول تكنولوجية زراعية مبتكرة ومستدامة تسهّل الطرق الجديدة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي، شهدنا تحولاً هائلاً في إنتاج الغذاء العالمي. وقد عمدت دولة الإمارات إلى تنفيذ عدد من مبادرات التقنية الزراعية، بما فيها استخدام «الزراعة البيئية الخاضعة للرقابة»، كالاستزراع المائي لتقليل استهلاك المياه العذبة وتربية الأسماك في بيئة خاضعة للرقابة والزراعة العمودية، أي ترتيب طبقات من النباتات والخضراوات في بيئة داخلية للتحكم في الإضاءة ودرجة الحرارة واستخدام مبيدات الآفات الزراعية والإنتاج على مدار العام، إضافة إلى مبادرات أخرى مثل استخدام الروبوتات والطائرات من دون طيّار للتخطيط والإنتاج وتوفير الموارد لزيادة المحاصيل.
- دعم الإنتاج المحلي: الإنتاج المحلي يعتبر فرصة واعدة لتنويع الأنظمة الغذائية وبناء سلاسل توريد أقصر ودعم الشركات والمجتمعات المحلية، وذلك تلبيةً للطلب المتزايد من المستهلكين على المنتجات الطازجة والصحية والمزروعة محلياً. وإنتاج الطعام محلياً له فوائد ومزايا كثيرة، من توفير محصول طازج بمذاق أفضل، إلى تحقيق فوائد غذائية إضافية، فضلاً عن تقليل انبعاثات الكربون والنفايات ودعم إيجاد فرص العمل لدفع عجلة الاقتصاد المحلي. وفي هذا الإطار، جاء التزام الغرير للاستثمار بتعزيز جودة الحياة في مجتمعاتنا عبر تسهيل الإمدادات الغذائية الإقليمية وتعزيز تنوع المنتجات، إضافةً إلى توفير الحلول لأعمال مستدامة وتعزيز الكفاءة في سلاسل التوريد لدعم إنتاج الأغذية المحلية الطازجة. وقد لاحظنا خلال معرض «جلفود» هذا العام زيادة ملحوظة في حضور العلامات التجارية المحلية، وهو توجّه مبشّر نتوقّع استمراره.
- الحميات الصحية البديلة: مع تزايد عدد السكان الشباب في دولة الإمارات، أصبحت الصحة البيئية والعافية والاستدامة أولويات مهمة في صنع القرار عند المستهلكين. ونما التوجه إلى الأنظمة الغذائية المرنة والتي تشمل الامتناع عن مجموعات طعام معينة وتقليل استهلاك المنتجات الحيوانية.
- الرئيس التنفيذي لشركة الغرير للأغذية
- نقلا عن الخليج