“مصر في عيون العالم: كيف نسوّق دولتنا للعالمية؟” ..
بقلم : د.مينا مجدي
في عالم مليء بالمنافسة، لم تعد الدول تُعرف فقط بتاريخها أو موقعها الجغرافي. بل أصبحت العلامة التجارية للدولة (Nation Branding) واحدة من أهم العوامل التي تحدد مكانتها على الساحة الدولية. من السياحة والاستثمار، إلى الصادرات والثقافة، الدول تحتاج إلى تسويق نفسها كما تفعل الشركات الكبرى. والسؤال هو: كيف نسوّق دولة للعالم؟.
في البداية لازم نعرف يعني إيه هو تسويق الدولة؟، تسويق الدولة هو عملية تهدف إلى تحسين صورتها أمام العالم، وجذب الاستثمارات، وتشجيع السياحة، وتعزيز صادراتها، لكن العملية ليست مجرد إعلانات، بل هي استراتيجية متكاملة تجمع بين، الترويج للسياحة عن طريق عرض جمال الدولة ومعالمها التاريخية، وبين جذب المستثمرين عن طريق تسويق الفرص الاقتصادية والبنية التحتية، وبين تعزيز الهوية الثقافية وتقديم الثقافة كعامل جذب عالمي.
في هذا المقال هانستعرض دراسة لثلاثة حالات نجحت فيها الدول الثلاثة بعمل تسويق ناجح لها، أولاً دراسة حالة1: فى دولة الإمارات العربية المتحدة “العلامة التجارية لدبي”، دبي كانت مجرد مدينة صحراوية، لكن اليوم هي واحدة من أبرز الوجهات العالمية، والسر يرجع إلى التسويق الذكي مثل، الترويج للبنية التحتية على سبيل المثال برج خليفة، الجزر الاصطناعية، والمطارات العالمية أصبحت رموزًا لدبي، إقامة المهرجانات والمعارض مثل مهرجان دبي للتسوق، وإكسبو 2020، الذين جعلوا المدينة مركزًا عالميًا للأعمال والترفيه، وأخيرا أرسال رسالة واحدة واضحة للعالم أن “دبي مدينة المستقبل”، وهذه الرسالة وصلت للعالم كله، ونجحت في جذب الملايين من السياح والمستثمرين.
ثانياً دراسة حالة 2: “إسبانيا والسياحة”، تعد إسبانيا واحدة من أنجح الدول في تسويق نفسها سياحيًا، حيث نجحت في ذلك عن طريق تروج لشواطئها وثقافتها من خلال شعارها الشهير: “España: Everything under the Sun”، ونجاحها في استضافة مهرجانات عالمية مثل “لا توماتينا” و”مصارعة الثيران”، بالإضافة إلى تقدم مأكولاتها الشهيرة مثل البايلا والتاباس كجزء من هويتها، والنتيجة؟ إسبانيا تستقبل أكثر من 80 مليون سائح سنويًا، ما يجعل السياحة واحدة من أهم قطاعاتها الاقتصادية.
ثالثاً دراسة حالة3 : “سنغافورة والنمو الاقتصادي”، سنغافورة هي دولة صغيرة، لكنها في أن تصبح واحدة من أهم الوجهات الاستثمارية في العالم، حيث أنها نجحت في الترويج عن نفسها على أنها “بوابة آسيا”، مستفيدة من موقعها الجغرافي، كما أنها طورت بنية تحتية عالمية وجذبت الشركات الكبرى، بالإضافة إلي تركيزها على التعليم والابتكار لبناء صورة إيجابية للدولة.
والسؤال المهم لهذا المقال هو كيف يتم تسويق الدولة؟، يتم تسويق الدولة عن طريق عدة خطوات في البداية أن يتم حدد هوية الدولة: كل دولة لديها شيء مميز مصر، مثلًا، لديها التاريخ الفرعوني، والإمارات لديها المستقبل والابتكار، حدد الميزة الأساسية التي تميز دولتك، ثاني مرحلة تكويم رسالة قوية: حيث أن الرسالة يجب أن تكون بسيطة ومباشرة، مثل “Amazing Thailand” لتايلاند، أو “Incredible India” للهند، لأن الرسالة تبني صورة ذهنية إيجابية، ثاني مرحلة استخدم الأدوات الصحيحة: مثل السياحة عن طريق الحملات الإعلانية التي تركز على المعالم المشهورة، والرياضة بتنظيم بطولات عالمية مثل كأس العالم أو الألعاب الأولمبية، والثقافة بتقديم الأفلام، المهرجانات، والأزياء للعالم.
في الحقيقة أن مصر لديها إمكانيات ضخمة وفرص أكبر، بل ولديها كل المقومات لتكون علامة تجارية عالمية مثل ،التاريخ الأهرامات، وأبو الهول، كنوز لا مثيل لها، والثقافة أيضا، الفنون، المطبخ المصري، والموسيقى الشعبية، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية مثل ،قناة السويس، والمشاريع القومية الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، لكنما ينقصنا هو تسويق مصر بشكل فعال بحيث نحتاج إلى، حملة تسويقية عالمية تركّز على الصورة الإيجابية، وشراكات مع منصات إعلامية وشركات عالمية للترويج للسياحة والاستثمار، تحسين البنية التحتية والخدمات لجعل التجربة السياحية أكثر جاذبية.
الخلاصة أن تسويق الدول للعالم ليس مجرد إعلانات، بل عملية مدروسة لبناء صورة إيجابية وترويج الإمكانيات. الدول الناجحة هي التي تفهم ميزاتها وتستخدمها بذكاء لجذب العالم، ومصر لديها فرصة ذهبية لتسويق نفسها للعالم، لكنها تحتاج إلى استراتيجية واضحة وصوت موحّد. في النهاية، صورة الدولة هي مرآة لثقافتها، شعبها، وطموحاتها، فهل نحن مستعدون لوضع مصر في المكانة التي تستحقها؟.