آخر الاخباراستثمارسياسة

ألغام اقتصادية تعترض طريق الموازنة المصرية 2023

بوابة الاقتصاد

الحكومة تقدمها إلى البرلمان بعد أسبوعين وسط مطالبات بتخفيف الأعباء عن المواطنين

تأزمت خطة الحكومة المصرية لإعداد مشروع الموازنة العامة للعام المالي الجديد 2022-2023 قبل إحالتها إلى مجلس النواب قبل 31 مارس (آذار) الحالي، طبقاً للدستور المصري.

ويبدأ العمل بالموازنة المصرية مطلع يوليو (تموز) من كل عام حتى 30 يونيو (حزيران) من العام التالي. وفي الأثناء، تجهز القاهرة مشروع الموازنة المالية الجديدة تحت عدد من الضغوط، منها التداعيات الاقتصادية السلبية الناتجة من اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، ولعل أبرزها أسعار النفط والقمح ونقص بعض الموارد الرئيسة للخزانة العامة للدولة، منها عائدات السياحة وتراجع استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية سواء كانت أذوناً أو سندات الخزانة.

الحكومة تتريث

وفي هذا الشأن، يقول وزير المالية المصري محمد معيط إن “الوزارة لم تنتهِ بعد من مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2022-“2023، موضحاً لـ”اندبندنت عربية” أن “الدستور المصري يمنح الحكومة مهلة لتقديم مشروع الموازنة إلى مجلس النواب للمناقشة والتصديق والإقرار قبل انتهاء الشهر الحالي”. وأضاف أن “الوزارة تتريث حالياً في رفع مشروع الموازنة إلى مجلس الوزراء، وتعتزم تقديمها قبل انتهاء المهلة المحددة بساعات قليلة”، مبرراً ذلك بسخونة الأحداث السياسية، التي انعكست بشكل كبير على الاقتصاد العالمي والمحلي، ومشيراً إلى أن “أبرز التداعيات السلبية الاقتصادية تتعلق بأسعار النفط التي تخطت حدود الـ100 دولار أميركي، وارتفاع أسعار القمح لمستويات قياسية، ما يمثل ضغوطاً كبيرة على الموازنة العامة”.

ولفت المسؤول المصري إلى أن “الحرب الروسية أثرت في أحد أبرز موارد الدولة، وهي إيرادات السياحة الروسية والأوكرانية”، كما نوه إلى “تخارج حزمة ليست قليلة من استثمارات الأجانب في أذون الخزانة خلال الفترة الأخيرة”.

وحول أبرز ملامح مشروع الموازنة الجديدة، كشف معيط أنها “تستهدف معدل نمو يصل إلى 5.7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العام المالي الجديد، إضافة إلى خفض العجز الكلّي إلى 6.1 في المئة من الناتج والهبوط بمعدل الدين العام إلى أقل من 90 في المئة خلال العام الجديد”. وأكد أن “من أهم المستهدفات التي تسعى حكومته إلى تحقيقها هو إطالة عمر الديون إلى 5 سنوات بدلاً من 3 و4 سنوات مع تقليل مصاريف خدمة الديون (الفوائد على الديون) إلى نحو 30 في المئة من إجمالي نفقات الموازنة الجديدة، مقارنة بـ31.5 في المئة خلال العام المالي الحالي 2021-2022”.

تأثير مزدوج

من جانبه، أكد نائب وزير المالية للخزانة العامة إيهاب أبو العيش، أن “مشروع موازنة العام الجديد متأثر بعوامل سلبية كثيرة، وأن الخزانة تدبّر نفقات الموازنة العامة للدولة من الموارد الرئيسة، أبرزها الإيرادات السياحية وحصيلة قناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج”، مشيراً في حديث خاص إلى “أنه في الوقت الحالي، نعاني التأثير المزدوج، ففي الوقت الذي نواجه نقصاً في الموارد السياحية، نقاوم مع زيادة الأعباء والنفقات”.

وأوضح أن “وزارة المالية حددت خلال العام المالي الحالي على سبيل المثال متوسط سعر برميل النفط خام برنت عند 62 دولاراً، بينما تخطى سعره حدود الـ115 دولاراً، وهو ما يعني زيادة التكلفة بنحو 53 دولاراً للبرميل الواحد”. وأكد أن “الأمر ينطبق على متوسط سعر طن القمح في موازنة العام الحالي المحدد بـ255 دولاراً فحسب، بينما قفزت أسعار القمح عالمياً بمعدل 40 في المئة حتى الآن”.

وتابع أبو العيش أن “كل زيادة في سعر برميل النفط بمقدار واحد دولار عما جرى تخطيطه بالموازنة، يكلف الخزانة العامة للدولة نحو 3 مليارات جنيه (نحو 191 مليون دولار)، بينما كل زيادة في سعر القمح عالمياً عما تم تقديره في الموازنة، يكلف الخزانة العامة للدولة أكثر من ملياري جنيه (127 مليون دولار)”.

وفقاً لوكالة “بلومبيرغ”، تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت في نيويورك إلى 107 دولارات للبرميل صباح الاثنين، بعدما سجّلت الخميس الماضي نحو 119 دولاراً في أعلى مستوى منذ مايو (أيار) 2012.

بخلاف النفط، وصلت أسعار القمح عالمياً إلى أعلى مستوى لها منذ 14 عاماً، لتسجّل قرابة الـ400 دولار للطن، في ظل المخاوف المتصاعدة من حدوث نقص عالمي في الإمدادات، إذ تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا في منع كييف من تسليم أكثر من 25 في المئة من صادرات المحصول، بحسب وكالة “بلومبيرغ” في وقت سابق من الشهر الحالي.

خطة السلع الأساسية

وعرض وزير التموين والتجارة الداخلية المصرية علي المصيلحي، على مجلس الوزراء خطته لتوفير السلع الأساسية في الموسم الجديد، خصوصاً القمح، في ضوء التبعات الاقتصادية المترتبة على الأزمة الروسية – الأوكرانية الراهنة، موضحاً أن “حجم المساحة المزروعة بمحصول القمح في العام الحالي تبلغ نحو 3.6 مليون فدان، تنتج قرابة 10 ملايين طن”.

وأوضح أن “الحكومة تستهدف مع اقتراب موعد الحصاد توريد كميات قمح من المزارعين تتخطى 6 ملايين طن، عبر آليات ومحفزات مختلفة”، مؤكداً، وفق بيان صحافي صادر عن مجلس الوزراء، أنه جرى إعداد خطة التوريد، وتحديد أماكن التخزين بالتوافق بين وزيري المالية والزراعة، وسيصدر قراراً بآليات تسليم القمح وضوابط عدم المتاجرة به، وفقاً للقوانين المنظمة”.

في المقابل، حذر أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة جمال صيام، من ارتفاع السعر العالمي لمحصول القمح، مطالباً الدولة المصرية ممثلة بوزارة التموين والزراعة عبر مجلس النواب “بمراجعة التسعير المحدد لتسلّم محصول القمح المحلي من المزارعين المحدد عند 822 جنيهاً (52.36 دولار) للإردب (يعادل 150 كيلوغراماً)، إضافة إلى زيادة للفلاحين لتحفيزهم على تسليمه للدولة”، مؤكداً أن “المتضرر الأول يتمثل في الخزانة العامة”.

وأوضح أن “الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في رفع الأسعار العالمية من جهة، ومن أخرى تَخوّف بقية المنتجين من التصدير تحسباً لأي أزمة”، مشيراً إلى أن “مصر لديها مخزون استراتيجي يصل إلى 8 أشهر فقط، مقسماً إلى مخزون 4 أشهر، وإنتاج مايو من القمح المحلي”. وأضاف صيام أن “القاهرة تستورد نصف مليون طن قمح شهرياً، وأن هناك مخاوف من عدم تنفيذ مناقصات في ظل الارتفاع الجنوني للسعر”، وأشار إلى أن “مصر قد تتعرّض لنقص القمح في الأسواق المحلية، أو أن يتأثر سعر الرغيف المدعوم من قبل الدولة”.

تراجع إيرادات السياحة

من جانبه، نصح أستاذ الاقتصاد في جامعة المنوفية محمد البنا، الحكومة ببذل جهود كبيرة استثنائية عند إعداد مشروع موازنة العام الجديد، موضحاً أن “تلك الجهود تخفف الأعباء عن المواطنين”، ومشيراً إلى “ضرورة وقف زيادة الشريحة السادسة قبل الأخيرة من زيادة الكهرباء المقرر تطبيقها في يوليو المقبل، إلى جانب تخفيف الأعباء الضريبية سواء من على كاهل المواطنين أو المُصنعين أو التجار حتى تنخفض تكاليف الإنتاج، ومن ثم تتراجع أسعار السلع في الأسواق مع ضرورة زيادة الرقابة على الأسواق لمحاربة الغش والاحتكار”.وتُسهم السياحة الروسية بنحو 3.5 مليار دولار أميركي سنوياً من عائدات القطاع، يدفعها أكثر من ثلاثة ملايين سائح كانوا يزورون مصر سنوياً قبل حادثة تحطم الطائرة الروسية “متروغيت” فوق سيناء نهاية أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، وفقاً لبيانات سابقة لوزارة السياحة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن “عدد السياح الروس في 2015 قبل توقف الرحلات إلى مصر بلغ 3.2 مليون روسي بنسبة 33 في المئة من إجمالي السياحة الوافدة إلى البلاد، وسط توقعات أن يزور القاهرة نحو 400 ألف سائح روسي شهرياً في ظل عودتها بعدما تجاوزت إيرادات القطاع 13 مليار دولار لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة”، وفقاً لتصريحات غادة شلبي، نائبة وزير السياحة والآثار لوكالة “رويترز” في يناير (كانون الثاني) الماضي. نقلا عن اندبندنت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى