تراجع أسعار النفط يفيد السوق .. تصحيح للمسار وتقليل لضغوط التضخم
بوابة الاقتصاد
استمر تراجع أسعار النفط الخام لتصل إلى أدنى مستوى لها في أسبوعين بسبب التفاؤل بمحادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا وسط توقعات بتراجع المخاوف من انقطاع الإمدادات النفطية. كما دعم الانخفاضات عودة الإصابات المرتفعة بوباء كورونا في الصين، ما أدى إلى إلقاء الشكوك حول عودة تباطؤ الطلب مجددا.
وقال محللون نفطيون إن أعين المتعاملين في سوق النفط تذهب في اتجاهي أوكرانيا والصين، لافتين إلى أن مصافي التكرير الآسيوية لن تواجه مشكلة كبيرة في الحصول على بدائل للنفط الخام الروسي في حال انقطاعه.
وأشار المحللون إلى أن اعتماد المشترين الآسيويين على الخام الروسي منخفض نسبيا ولا يتجاوز من 3 إلى 5 في المائة، حيث إن كبار مستوردي النفط الخام في آسيا، خاصة الهند وكوريا الجنوبية واليابان، يعتمدون على منتجي “أوبك” وعلى الإمدادات الأمريكية، ولذا فهم في منأى عن اضطرابات الإمدادات الروسية في أعقاب حرب أوكرانيا وما ترتب عليها من العقوبات الغربية المفروضة على القطاع المالي في موسكو.
وأكدوا أنه بعد عمليات بيع مكثفة، الإثنين، استمرت أسعار النفط في الانخفاض، وذلك بعد أن تخلى المضاربون عن السوق المتقلبة، بينما تقول روسيا إنها تريد توقيع الاتفاق النووي الإيراني في أسرع وقت ممكن.
وقال سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، إن المنتجين الأمريكيين بدأوا بزيادة ملموسة في أنشطة الحفر استجابة لنداء الإدارة الأمريكية لتعزيز المعروض وخفض أسعار الوقود.
وأوضح أن “أوبك +” ترى أن الزيادة الشهرية الحالية في إمدادات المجموعة المكونة من 23 منتجا قادرة على تلبية متطلبات التوازن العالمي بين العرض والطلب، لكن ارتفاع أسعار النفط يمثل مصدر قلق كبير للمستهلكين عموما، خاصة في الاقتصادات النامية والصاعدة، التي تكافح لتسريع وتيرة التنمية.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن الأسعار الحالية مرتفعة للغاية بالنسبة إلى أغلب اقتصادات العالم، خاصة بعد تراجع توقعات عودة الإمدادات النفطية الإيرانية في ضوء تعثر المفاوضات النووية في فيينا وتعليق أعمالها مؤقتا، مبينا أن الأسعار شديدة الارتفاع قد تؤثر سلبا في الطلب، ولذا كان التراجع الحالي مفيدا في تصحيح مسار الأسعار وتقليل الضغوط التضخمية.
وأوضح أن الطلب مستمر في طريق التعافي والانتعاش، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار أدى بالفعل إلى انخفاض حاد في المخزونات عموما، ومخزونات الصين من النفط خاصة، حيث وصلت إلى مستويات غير مريحة إلى حد ما، وهي بالفعل أقل من متوسط الأعوام الخمسة.
من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، إن التراجعات السعرية الحالية قد تكون مؤقتة وستعود وتيرة المكاسب، خاصة إذا لم تحقق المفاوضات الروسية – الأوكرانية الحالية تقدما ملموسا، مبينا أن بعض التوقعات تذهب إلى احتمال ارتفاع أسعار النفط الخام فوق 130 دولارا للبرميل، وهو ما سيجعل مهمة الحكومات صعبة للغاية في محاولة السيطرة على التضخم.
ولفت إلى أن “أوبك +” تسعى حثيثا إلى تحقيق الاستقرار في السوق ودعم التوازن بين العرض والطلب، لكن الكثير من الأعضاء في المجموعة غير قادرين على زيادة الإنتاج في ظل نقص الاستثمارات الجديدة في الصناعة وتداعيات أزمة الجائحة، التي ما زالت ممتدة التأثير في الصناعة عموما، موضحا أنه من المشكوك فيه إلى حد ما أن لدى مجموعة المنتجين طاقة احتياطية كافية لتحقيق زيادة تدريجية أوسع في المعروض.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجراكرافت” الدولية، إن صغار المنتجين يكافحون للوفاء بحصص إنتاجهم بسبب الافتقار الحاد إلى الاستثمارات الجديدة، خاصة في مشاريع المنبع.
وأضافت أنه حتى لو عادت الصادرات النفطية الإيرانية إلى الأسواق – وهو أمر ما زال بعيد المنال حتى الآن – لن تكون الإمدادات الإضافية كافية لخفض أسعار النفط بشكل حاد، موضحة أن بعض التقارير تقيم هذا الخفض بنحو خمسة دولارات للبرميل، بينما يتفق الجميع أن خفض الأسعار في ظل الظروف الراهنة يحتاج إلى وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا وانتهاء المخاوف بشكل جذري ودائم من جائحة كورونا.
وفيما يخص الأسعار، واصل النفط خسائره أمس ليصل إلى أدنى مستوى له في أسبوعين بعد أن خففت محادثات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا المخاوف من تعطل آخر للإمدادات النفطية، في حين أثارت الإصابات بفيروس كورونا في الصين مخاوف إزاء تباطؤ الطلب على الخام.
وبحسب “رويترز”، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 5.95 دولار أو 5.6 في المائة إلى 100.95 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس بعد أن هوت بما يزيد على ستة دولارات إلى 100.05 دولار في وقت سابق من الجلسة.
كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى ما دون مستوى 100 دولار لأول مرة منذ الأول من آذار (مارس) لينزل 5.49 دولار أو 5.3 في المائة إلى 97.52 دولار للبرميل بعد أن انخفض إلى 96.70 دولار في وقت سابق من الجلسة.
وانخفض كلا الخامين بما يزيد على 5 في المائة أمس الأول.
وقال توشيتاكا تازاوا المحلل لدى شركة فوجيتومي للأوراق المالية، “عززت التوقعات بحدوث تطورات إيجابية في محادثات وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا الآمال في تخفيف شح المعروض في سوق الخام العالمية”.
وأضاف “أثارت أيضا عمليات الإغلاق الجديدة للحد من جائحة كوفيد – 19 في الصين مخاوف متعلقة بتباطؤ الطلب”.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 110.67 دولار للبرميل، الإثنين، مقابل 113.29 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق رابع انخفاض له على التوالي وأن السلة خسرت نحو 16 دولارا مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع الماضي والذي سجلت فيه 126.51 دولار للبرميل.