آخر الاخباراستثمارمنوعات

إغلاقات الصين وتراجع أسعار النفط والسلع .. لأنه إذا عطست بكين أصيب الاقتصاد العالمي بالبرد

بوابة الاقتصاد

نحن بصدد إعادة فرض الحجر على جميع الشركات في دلتا نهر اللؤلؤ، أي تقريبًا بين “شنجن” و”قانتشو”، حيث أكبر قطاعات النشاط الاقتصادي وخاصة في مجال الإلكترونيات، وهو ما لم يحدث في الصين من قبل مطلقًا، ومن الواضح أنه سيكون لدينا توقف تلقائي في سلاسل الإمداد، إذا طال الأمر، ستكون لها تداعيات”.

هذا ما أكده المفوض الأوروبي للسوق الداخلية “تييري بريتون”، تعليقا على الإغلاق والقيود التي فرضتها السلطات الصينية على عدد من المدن بعد تسجيلها لـ3340 إصابة بـ”كورونا” في حصيلة قياسية لم تتعرض لها منذ بدء انتشار الوباء.

شركات وقطاعات متضررة

وشملت الشركات التي تضررت بفعل الإغلاق بشكل مباشر “فولكس فاجن” و”أودي” و”أبل” وشركة “فوكسكون” التايوانية، وعددا كبير من الشركات المنتجة لأشباه الموصلات والسلع الوسيطة في إنتاج الإلكترونيات.

وكرد فعل مباشر هبطت أسعار النفط 8 دولارات وهبطت أسعار غالبية المعادن وتراجعت الأسهم الصينية المسجلة في السوق الأمريكية وتراجعت بورصتا “شنغهاي” و”هونج كونج”.

إلا أن الأزمة تتخطى التأثير الآني بالطبع، فالمقاطعة التي شهدت الإغلاقات في الصين تقدم 11% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وتأثيرها أكبر من غيرها بسبب عملها في السلع الوسيطة حتى أن التقديرات تؤكد أن الإغلاق يؤثر بالسلب على نصف الاقتصاد الصيني.

ويشير “شانج شو” المحلل في “بلومبرغ” إلى أن المخاوف من تأثير الإغلاقات الصينية على سلاسل التوريدات حول العالم منطقي للغاية في ظل تركز الكثير من الصناعات التكنولوجية في هذه المنطقة، مع معاناة سلاسل التوريد من العديد من العقبات بالفعل تجعلها غير مستعدة للتعامل مع أية عقبات جديدة.

نمو دون 5%

ولذلك فإن الإغلاق لمدة أسبوع فحسب، كما أعلنت السلطات الصينية كفترة مبدئية للإغلاق يوم الأحد على أن يتم تقييم الحاجة لتجديدها لاحقا، قد يكلف الاقتصاد الصيني حوالي 0.8% من ناتجه الإجمالي وفقا لـ”بلومبرغ”، بما قد يهبط بالنمو الصيني إلى ما دون خط 5% وهو أمر سيكون له تداعياته على الاقتصاد العالمي المهدد بالفعل بالركود.

وجاءت تقديرات بنك “مورجان ستانلي” لتشير إلى أن الاقتصاد الصيني قد لا يحقق أي نمو في الربع الأول من 2022 بسبب الإغلاقات الحالية، وهبط البنك بتوقعات نمو الصين إلى 5.1% وذلك إذا لم تستمر الإغلاقات أكثر من أسبوعين، وإذا استمرت أكثر من ذلك فسيتم تعديل نسبة النمو بالسالب.

كما أن إضافة المزيد من العراقيل أمام سلاسل الإمداد العالمية من شأنه أن يضاعف من مشكلة التضخم المتفاقمة بالفعل عالميًا بفعل ارتفاع أسعار المواد الأولية والغذاء والحرب الأوكرانية وأزمات الموانئ والقيود الحكومية الحمائية على التصدير.

وفي هذا الإطار ينبغي الإشارة إلى أن المدن التي تشهد إغلاقات وقيودا مسؤولة عن تصدير حوالي 10% من الحاويات التي تخرج من الصين بالكامل، بما يؤكد التأثير الكبير للإغلاق الصيني عالميًا وليس محليًا فحسب.

أزمة قائمة تتفاقم

والشاهد أن أزمة انتشار “كوفيد” في الصين تأتي بينما من المنتظر أن يعاني الاقتصاد الصيني من عقبات بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية وسط تقدير البنك الدولي بأن يتسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية بفعل الحرب في تقليص النمو الصيني بنسبة 1% على أقل تقدير.

كما أن الصين التي تعتبر قاطرة نمو الاقتصاد العالمي تدخل هذا العام بتوقع نمو هو الأدنى منذ ثلاثة عقود، بعد توقع بكين نمو اقتصادها بنسبة 5.5% فحسب، وذلك على الرغم من نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 8.1% في عام 2021 إلا أن تباطؤ النمو خلال الأشهر الأخيرة من العام المنصرم ساهم في تقليص سقف طموحات النمو الصيني.

بل ووصفت السلطات الصينية مجرد تحقيقها لهدفها بالنمو بنسبة 5.5% في 2022 (إذا حدث) بمثابة “إنجاز يشبه صعود جبل رغم كافة المعوقات”.

وعلى الرغم من أن السياسة الصينية “الصارمة” في التعامل مع كورونا كانت موضع إشادة عالمية مع المتحور “دلتا” إلا أن استمرارها مع المتحور “أوميكرون” يبدو غير مبرر في نظر الكثير من الخبراء الاقتصاديين.

وسبق أن أشارت بعض التقديرات إلى أن نمو الاقتصادي العالمي كان ليتراجع نصف نقطة مئوية إذا لم تتبع الصين تلك السياسة (صفر كورونا)، ولكن يبدو أن اتباعها في الوقت الحالي أصبح محل انتقاد في ظل اعتبار تلك السياسة “سباحة ضد التيار” مع انفتاح الاقتصاد العالمي بشكل عام.

وتبدو الإغلاقات الصينية بمثابة زيادة للأزمات القائمة بالفعل في الاقتصاد العالمي سواء على صعيد تقليص النمو العالمي ودفعه نحو ركود محتمل، أو من ناحية وضع المزيد من العراقيل أمام سلاسل التوريد والإنتاج بما يزيد من التضخم المتفاقم بالفعل، لتبقى الفترة الزمنية للإغلاق القائم واحتمالات توسعه ليشمل مناطق صينية أخرى المحك الرئيس حول مدى تأثر العالم بما يحدث في الصين.

المصادر: أرقام-سي إن إن-تشاينا ساوث مورنينج- بلومبرغ- تقرير لـ”مورجان ستانلي”

زر الذهاب إلى الأعلى