إسميك: القرن الحالي فضاء رؤية السعودية بعد أن تكتمل أسسها في 2030
كتبت هدي العيسوي
قال الكاتب والمفكر حسن إسميك إن ما تتطلع له رؤية المملكة العربية السعودية 2030، لن تتضح كاملة خلال السنوات الـ8 المقبلة، بل سيكون القرن الحالي كله فضاء هذه الرؤية بعد أن تكتمل أسسها ويبدأ التراكم في نتائجها، فـ “2030” لا تقف عند حدود الاقتصاد مع أنه يمثل جوهرها، إنما تتعداه نحو تحقيق سياسات المملكة العامة التي تتناسب مع مركزية دورها السياسي والديني والاجتماعي، وتهيئة جميع البنى بما فيها الاجتماعية والأمنية والعسكرية والعلمية، التي تُسهم في استمرارية هذا الدور وتطويره.
وأشار إسميك، إلى أن هناك أطرافاً كثيرة، إقليمية وعالمية، لا تتردد في محاولة تعطيل رؤية السعودية 2030 وحرفها عن مسارها، وهذا ما أشار إليه ولي العهد عدة مرات ضمن حديثه؛ لمجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية.
وأوضح إسميك، أنه لن يسمّ هذه الأطراف صراحة مثلما فعل ولي العهد؛ ولكن الجميع يعرفها ويعرف ما يُخطط له الغرب اليوم في محاولة تطبيع وجودها وأدوارها في المرحلة المقبلة.
وأشار إسميك، إلى أنه حتى اليوم لم تُظهر أمريكا التشجيع الذي تستحقه رؤية 2030، رغم كل ما حققته وستحققه: تمكين المرأة ومنحها حقها كعضو فاعل في المجتمع، وتعقب الفساد بكافة أشكاله ومستوياته تنويع الاقتصاد، وتحرير المجتمع ورفع قبضة السلطات الدينية التقليدية، ووقف تدفق الجهاديين، والاستعداد لعلاقات طبيعية مع إسرائيل وإيران.
ونوه بأنه رغم الموقف الأمريكي المتردد وغير الواضح تجاه “رؤية 2030″، إلا أن ولي العهد بدا حيادياً تجاه ما اعتبره شأناً أمريكياً لا علاقة للسعودية به، ليشير في الوقت نفسه إلى أن هذا الأمر مرتبط بمصالح أمريكا مع السعودية وفي المنطقة، وعلى الأمريكيين اختيار طريقة رعايتهم لهذه المصالح. أما غير ذلك فالأهداف واضحة لدى ولي العهد: مملكة حداثية متطورة ذات هوية تراثية ثقافية ودينية راسخة، منفتحة ومتحررة، متصالحة مع الجوار، فاعلة في الإقليم، وذات علاقات دولية متنوعة ومؤثرة، مدعومة باقتصاد رائد وعصري؛ ولتحقيق هذه الأهداف تسير عجلة التطور في السعودية بعزم وسرعة وثبات.
وأكد إسميك، أنه اطلع على مضمون رؤية 2030 الطموحة، والمصممة لتكتمل قواعدها وبناها التحتية خلال ما تبقى من سنوات، لافتا إلى أن نُضج ثمارها المرتبطة بأهدافها الاستراتيجية البعيدة، تحتاج لفترة أطول بكثير، لكن ذلك لن ينتقص من أهمية التحول السعودي وقدرته على بلوغ مبتغاه؛ ولن يعطله ميول بعض المراقبين للنقد والتشكيك في كلّ ما تقوم به السعودية ويتبناه ويقوده مسؤولوها، وفي محاولتهم الدائمة للمقارنة بين مضمون الرؤية وما يعكسه الواقع اليوم، وسعيهم لإظهار الفروق بينهما ببعض الأرقام والإحصائيات المجتزأة أحياناً والمفسّرة خارج سياقها أحياناً أخرى.
كما تتعمد هذه المقارنات إغفال الظروف الموضوعية والمشكلات المستجدة التي تواجه المشاريع الكبرى من هذا النوع، والتي غالباً ما يتم مواجهتها وتجاوزها بالمرونة في التخطيط وتغيير بعض أدوات وطرائق التنفيذ حفاظاً على الغاية النهائية؛ خاصة وأن التجارب التنموية قد أثبتت، وفي جميع أنحاء العالم، أن اعتماد سياسة حرق المراحل، والنظر فقط لنتائج الأرقام والبيانات بعيداً عن المحصلة الكلية للإنجاز، كثيراً ما يأتي بثمار عكسية على المدى البعيد.
وذكر إسميك: أن الصحفي “غرايمي وود” تعمُّد طرح قضية الصحفي المغدور جمال خاشقجي، والإلحاح عليها بقصد الاستفزاز، أو لعله يفوز بسماع كلام لم يُسمع من قبل؛ ورغم ذلك استقبل ولي العهد أسئلته كلها، وأعاد توضيح كل الملابسات التي رافقت هذه القضية، ونوّه إلى استنكاره ورفضه للإتجار بها من قِبل بعض الجهات الأمريكية ومحاولات استثمارها بغير وجه حق، كما أن الأمير ما زال متمسكاً، من جهة مسؤوليته كقائد للدولة، باستنكاره ورفضه، والعمل على عدم تكراره، والتشديد على أن يأخذ القانون مجراه الطبيعي في التعامل مع المتورطين.
تابع: “وفي الحقيقة فإن ما سلكه الأمير محمد بن سلمان، تجاه هذا الموضوع هو السلوك ذاته الذي يسلكه مسؤولون غربيون بالاستنكار والاعتذار لأهل الضحية وذويها، ثم يُطوى الأمر بالأحكام القضائية العادلة،
مرة أخرى علينا أن نتلمس طريقنا بأنفسنا، مُدركين أطماع الآخرين بنا، ومتنبهين لما يجب فعله عندما تتعارض مصالحهم مع مصالحنا، لذلك فإن دعم رؤية ولي العهد ليس مجرد واجب على مواطنيه فحسب، بل وعلى أشقاء السعوديين من العرب، وأصدقائهم وحلفائهم أيضاً”.