ويليم بوتر يكتب: الأسواق تعيش حالة من إنكار الخطر
بوابة الاقتصاد
لا يبدو أن الأسواق المالية لم تـدرج المخاطر الكاملة المترتبة على الأزمة الروسية الأوكرانية ضمن أدوات التسعير. الواقع أن غياب أي ردة فعل سلبية في أسواق الأسهم، وديون الشركات، والديون السيادية في أوروبا والولايات المتحدة وكندا واليابان، يجافي المنطق إلى حد كبير حتى لو لم تكن هناك أي فرصة لتصاعد الموقف إلى صراع مفتوح بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا. لكن هذا ليس الخطر الحقيقي الوحيد، إذ يشكل التهديد بانتقال الصراع إلى المستوى النووي خطرا حقيقيا أيضا.
خارج أوكرانيا وروسيا، تـعـد الآثار الاقتصادية والمالية المحتملة في الأمد القريب نتيجة لهذه الأزمة مادية وحقيقية، لكن من الممكن السيطرة عليها، شريطة ألا ينتشر الصراع. وسيتجسد الضرر المترتب على صدمة العرض السلبية في الأساس من خلال ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وخاصة أسعار النفط والغاز، والقمح، والألمنيوم، والمواد الخام الاستراتيجية، مثل البلاديوم وغاز النيون.
حتى في سيناريو “الصراع التقليدي المكبوح”، ستضيف نـدرة الوقود الأحفوري، وخسارة أسواق التصدير، والهجمات السيبرانية (الإلكترونية) الـعـرضية، إلى تأثير الركود التضخمي المترتب على ارتفاع أسعار السلع الأساسية في أوروبا. وعلى المستوى العالمي، سيتأثر الناتج المحتمل في الأمدين المتوسط والبعيد، بسبب التشعب الجديد بين نظام تجاري ومالي محوره الصين وروسيا، وآخر يتمحور حول الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان. علاوة على ذلك، ستتسبب عمليات إعادة التخصيص الدفاعية العازفة عن المخاطرة للاستثمار وغير ذلك من الموارد في زيادة الإنتاج المحتمل انخفاضا مع سعي الحكومات والشركات، إلى زيادة مرونة سلاسل التوريد.
الواقع أن أسواق الأصول العالمية لم تضع في اعتباراتها التسعيرية حتى هذا السيناريو الأقل سوءا. لكن إذا تصاعدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا لتتحول إلى حرب بين روسيا والناتو، فسيشتد خطر نشوب صراع نووي. تتمثل طريقة مؤكدة لتحقيق مثل هذا التصعيد في إقدام الناتو على فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، كما تستحثه الحكومة الأوكرانية.
في حين فرض الناتو والحكومات الغربية عقوبات اقتصادية ومالية على روسيا، وزودت أوكرانيا بأسلحة مضادة للدبابات، وطائرات مـسيرة آليا، وصواريخ أرض جو محمولة، وذخيرة، فإن أشكال الدعم من هذا القبيل لا ترقى إلى مستوى العمل الحربي. أما فرض منطقة حظر طيران، فإنه يعني إسقاط أهداف روسية. إذا اتخذ الناتو هذه الخطوة، فستصبح الحرب الأوسع نطاقا حتمية.
حتى الآن، رفض الناتو صراحة الدعوات التي تطالبه بفرض منطقة حظر طيران. كما أبدى ضبط النفس في الرد على قعقعة السيوف النووية من الجانب الروسي. في الــ27 من شباط (فبراير) 2022، وضعت روسيا القوات النووية في حالة تأهب قصوى في الرد على العقوبات الغربية، وما أشارت إليه على أنه “تصريحات عدوانية” من قـبـل قوى الناتو. في اليوم ذاته، تخلت بيلاروسيا عن وضعها كدولة غير نووية ــ وبذلك سمحت بدخول أسلحة نووية روسية إلى أراضيها. جاء هذا التصعيد في أعقاب التدريبات النووية الاستراتيجية المكثفة التي أجرتها روسيا في الـ19 من شباط (فبراير)، وخطاب الرئيس الروسي المذاع تلفزيونيا الذي أعلن فيه العمليات العسكرية في الـ24 من شباط (فبراير)، عندما أكد أن روسيا لا تزال واحدة من أقوى الدول التي تمتلك أسلحة نووية في العالم… يتبع.
نقلا عن الاقتصادية