وفاة 900 حاج مصري بسبب الحرّ الشديد واستمرار البحث عن مئات المفقودين
ارتفعت الحصيلة الإجمالية للوفيات خلال موسم الحج هذا العام إلى أكثر من 900 شخص، غالبيتهم من المصريين، حيث أن معظم الوفيات مرتبطة بالطقس الحار. بينما يستمر البحث عن العديد من المفقودين الذين فقدوا أثناء أداء الفريضة.
وقال دبلوماسي عربي، مشترطًا عدم الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس يوم الأربعاء، إن عدد الوفيات في صفوف الحجاج المصريين ارتفع إلى “600 على الأقل”، بعدما أشار دبلوماسيان عربيان سابقًا إلى وفاة 323 مصريًا على الأقل. وأوضح أن المسؤولين المصريين في السعودية تلقوا “1400 بلاغ عن مفقودين حتى الآن”، مشيرًا إلى أن هذا العدد يشمل عدد الوفيات المذكور سابقًا. وأضاف أن “جميع حالات الوفاة الجديدة ناجمة عن الحرّ”. وصلت درجة الحرارة في مكة المكرمة إلى 51.8 درجة مئوية في بداية الأسبوع الحالي.
وبلغ عدد الوفيات بين المصريين، بالإضافة إلى 132 إندونيسيًا، و68 هنديًا، و60 أردنيًا، و35 تونسيًا، و13 من كردستان العراق، و11 إيرانيًا، و3 سنغاليين، حصيلة الوفيات الإجمالية خلال موسم الحج هذا العام إلى 922 على الأقل، بحسب حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس استنادًا إلى أعداد أعلنتها الدول المعنية ودبلوماسيون، معظمهم لم يوضحوا الأسباب.
وأكد دبلوماسي آسيوي في السعودية يوم الأربعاء لوكالة فرانس برس: “لدينا حوالي 68 حالة وفاة مؤكدة في صفوف الحجاج الهنود… بعضهم لأسباب طبيعية إذ كان هناك العديد من الحجاج المسنين، والبعض الآخر توفي بسبب الأحوال الجوية، هذا ما نفترضه”. وتابع: “هذا يحصل كل عام (…) لا يمكننا القول إن هذا العدد مرتفع بشكل غير طبيعي هذا العام”، مضيفًا “إنه مشابه إلى حد ما للعام الماضي لكننا سنعرف المزيد في الأيام المقبلة.” في العام الماضي، توفي أكثر من 200 حاج معظمهم من إندونيسيا.
وكانت وزارة الصحة السعودية قد أعلنت يوم الأحد تسجيل “2764 حالة إصابة بالإجهاد الحراري، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المشاعر المقدسة والتعرض للشمس، وعدم الالتزام بالإرشادات”. لكنها لم تعطِ أي معلومات عن الوفيات.
ويتأثر موسم الحج، وهو من أكبر التجمعات الدينية في العالم، بشكل متزايد بالتغير المناخي. وبحسب دراسة سعودية، فإن درجة الحرارة في المنطقة ترتفع 0.4 درجة مئوية في كل عقد. وكما في العام 2023، أدى أكثر من 1.8 مليون حاج المناسك هذا العام، بينهم 1.6 مليون من خارج المملكة، بحسب السلطات السعودية.
الخوف من الأسوأ
يبحث أصدقاء وعائلات الحجاج المفقودين في المستشفيات في السعودية وينشرون مناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي سعيًا للحصول على أي معلومات عن أحبائهم، وسط مخاوف شديدة من الأسوأ مع تزايد أعداد القتلى.
فُقدت التونسية مبروكة بنت سالم شوشانة، وهي في أوائل السبعينات من عمرها، منذ السبت في ذروة المناسك على جبل عرفة، حسبما أكد زوجها محمد لوكالة فرانس برس يوم الأربعاء. وقال محمد إنها لم تكن تحمل تصريحًا رسميًا للحج، فلم تتمكن من الوصول إلى المرافق المكيفة التي يستريح فيها الحجاج المسجلون. وأكد أنها “امرأة متقدمة في العمر… كانت تشعر بتعب شديد من شدة الحر وليس لديها مكان تنام فيه”، مضيفًا “بحثت عنها في كل المستشفيات، لا أثر لها أبدًا. ليس لدي أدنى فكرة أين يمكن أن تكون”.
ومحمد واحد من كثيرين يحاولون الحصول على معلومات عن أحبائهم. فقد ضاقت مواقع التواصل الاجتماعي بصور لمفقودين ومناشدات لمعرفة أي معلومة حولهم. ومن بين هؤلاء عائلة الحاجة المصرية غادة محمود أحمد داوود، المفقودة منذ السبت.
وقالت صديقة العائلة، وهي مقيمة في السعودية، بدون الكشف عن اسمها: “اتصلت بي صديقتي بمصر وأبلغتني أن أمها مفقودة وتوسلت إلي وضع أي منشور كي أساعد في البحث عنها”. وأضافت أن “النبأ السار هو أننا حتى الآن لم نجد اسمها على لائحة الحجاج المتوفين مما يعطينا أملًا بأنها ما زالت على قيد الحياة”.
وقال دبلوماسي عربي آخر لوكالة فرانس برس يوم الأربعاء إن مسؤولين أردنيين يبحثون عن 20 حاجًا مفقودًا، مشيرًا إلى العثور على 80 آخرين في المستشفيات بعدما كانوا في عداد المفقودين.
“لم نجدها”
تتيح المملكة أداء الحج حصريًا للسكان ممن لديهم تصاريح والأجانب الحاصلين على تأشيرات مخصصة. لكنّ توسعها في إصدار تأشيرات عامة منذ العام 2019 فتح مجالًا أوسع لأداء الحج بشكل أقل كلفة، ولكن غير قانوني، لآلاف الأجانب.
وقال الخبير في الشؤون السعودية بجامعة برمنغهام، عمر كريم: “بالنسبة للأشخاص الذين يحملون تأشيرة سياحية، يبدو الأمر كأنهم على طريق الهجرة بدون أي فكرة عما يمكن توقعه”. وأضاف أحد الدبلوماسيين العرب لوكالة فرانس برس أن أغلبية الحجاج المصريين الذين توفوا “غير نظاميين”.
وحتى الحجاج الذين يحملون تصاريح يواجهون العديد من المخاطر، بمن فيهم المصرية حورية أحمد عبد الله شريف، البالغة من العمر 70 عامًا، والتي فُقد أثرها السبت. فبعد الصلاة على جبل عرفة، قالت لصديقتها إنها تريد الذهاب إلى الحمام العام لتنظيف عباءتها، لكنها لم تعد أبدًا.
وقالت صديقتها، بدون الكشف عن اسمها، لوكالة فرانس برس: “بدأنا بالبحث عنها داخل الحمامات ولم نعثر عليها بتاتًا. لم نجدها حتى هذه اللحظة. قصدنا الشرطة والمستشفيات ولا أثر لها البتة”. وأضافت: “نعرف الكثير من الناس الذين يبحثون عن أهاليهم وأقاربهم وليسوا قادرين على العثور عليهم. وإذا عثروا عليهم، يكونون بين الأموات”.