عبدالغني عجاج يكتب: الشمس المشرقة

بقلم عبدالغني عجاج

اعترف بأننى وقعت فى حيرة وانا افكر فى عنوان لهذا المقال وكان على ان افاضل بين عدة عناوين مثل(العصامى) و(سر حياتى) و(انسانية الاقتصاد) ولكننى اخترت فى النهاية (الشمس المشرقة) فالشمس من ايات الله الباقية وهى التى تعطينا الضوء والدفء ولولاها لطالت ظلمة الليل.

ربما سبب الحيرة ان المقال عن شخصية غير عادية، شخصية تؤكد ان الانسان سيرة ومسيرة وان اعمال الانسان تجعله يبقى ويعيش فى الوجدان حتى بعد الرحيل، شخصية تقدم النموذج الحى لعدم التعارض بين المفاهيم الاقتصادية التى تسعى لتحقيق الربح وبين المفاهيم الانسانية القائمة على التراحم والتعاون على البر والتقوي، شخصية بدأت من الصفر ووصلت الى بناء امبراطورية صناعية تجارية تسهم بنصيب معتبر فى ضبط الميزان التجاري المصري من خلال منتجاتها التى تصدر لدول كثيرة فى قارات العالم، شخصية طبقت مفاهيم الحلال والحرام وهى تمارس التجارة والانتاج والتصنيع فأكتسبت ثقة الملايين واصبح اسمها مرادفا للجودة والنجاح والتفوق.

احسب بل واجزم ان هذه الملامح جعلتكم تتوقعون وترجحون عن من اتحدث، نعم صدقت توقعاتكم انه بالفعل الراحل محمود العربى الذى بدأ من الصفر فى قرية بسيطة بمحافظة المنوفية حتى وصل الى القمة بادارة امبراطورية اقتصادية، حفر فى الصخر كعامل اجير واكتسب كل فنون التعامل مع الناس وكسبه، يعد نموذجا لرائد الاعمال العصامى الذى صعد السلم درجة درجة بالصبر والاجتهاد والعرق، بذكائه الفطري اتجه الى التصنيع والاستفادة بخبرات واحدة من اكثر الدول المتفوقة فى مجاله وهى اليابان مما اهله لتكريمه من امبراطور اليابان الذى منحه وسام(الشمس المشرقة) تقديرا لجهوده ودوره الرائد فى تنمية العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان.

محمود العربى اعطى المثل والقدوة فى الاهتمام بمن يعملون فى شركاته واعتبرهم جميعا من ابنائه وامن بأن من حقهم ان يشعروا بالامان والاستقرار…كما اقتنع اقتناعا راسخا بأنه كلما وفر فرص عمل فى مصانعه كلما افاض الله عليه رزقا حلالاً، ويحسب له توفير الرعاية الصحية للعاملين فى شركاته ومصانعه واهتمامه بالتعليم الفنى ورفضه بصورة قاطعة حاسمة الاستغناء عن اى عامل خلال جائحة الكورونا التى القت بظلالها الاقتصادية على العالم كله، وحسنا فعل محمود العربى عندما ترك للاجيال القادمة قصة صعوده ونجاحه فى كتاب يعبر عن بساطته وتواضعه حمل اسم (سر حياتى).

الحديث يطول عن محمود العربى الطفل والشاب والعامل والجندي والتاجر والصانع والمصدر ورئيس الغرف التجارية والبرلمانى وابن القرية المصرية الوفى لاهله وناسه ومسقط رأسه، رحل محمود العربى ٢٠٢١ بعد حياة حافلة بالجهد والعرق والنجاح والانسانية وبقيت سيرته الطيب، رحل وبقى الغائب الحاضر فى سجلات التجارة المصرية والصناعة المصرية والاهم فى سجلات القيم المصرية الاصيلة.