آخر الاخباراقرأ لهؤلاء

د.منجى علي بدر يكتب : العلاقات المصرية الصينية والبعدين العربى والافريقى

   تمثل العلاقات المصرية الصينية نموذجا جيدا على المستوى الثنائى والاقليمى والدولى وتتشابه البلدان فى الحضارة والتاريخ والسياسات الخارجية التى تعتمد على التنمية الاقتصادية وارساء دعائم السلام وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للبلاد مع التوازن فى العلاقات بين الشمال والجنوب .

  وساهمت اللقاءات المتبادلة للرئيسين المصرى والصينى فى تعزيز الشراكة الشاملة بين البلدين بكل المجالات ، وانضمام القاهرة لمنظمة شنغهاى كشريك حوار وعضوية مصر فى تجمع البريكس انطلاقة لمزيد من التعاون مع التنين الصينى وتزامنا مع الذكرى العاشرة لرفع العلاقات  إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وأيضا بلغت لقاءات الرئيسين 11 مرة مما فتح عصرا ذهبيا أوصلها إلى أفضل مراحلها عبر التاريخ، وإن حجم التبادل التجاري في الماضى كان متواضعا لكنه وصل الآن إلى أكثر من 20 مليار دولار حيث أصبحت بكين الشريك التجاري الأكبر القاهرة منذ عام 2012 وحتى الآن.

 وفى عام 1956 كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات مع الصين ، ودعمت الدولتان بعضهما البعض منذ ذلك الحين في المؤسسات الدولية ، وتعاونت الصين مع مصر فى إنشاء مشروعات كبيرة مثل منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، وبرجها الأيقونى، وبناء أول سكك حديدية بالكهرباء فى أفريقيا، وكذا منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى «تيدا» بمنطقة قناة السويس، بجانب التعاون فى تجميع وتركيب واختبار الأقمار الاصطناعية، وفى بناء محطة طاقة شمسية.

  وتمثل العلاقات الاقتصادية والتجارية أساس التعاون بين مصر والصين، حيث بلغ عدد الاتفاقات 63 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين ،وحظي الاقتصاد والتجارة بأهمية بالغة بوصفهما “محرك وأساس للتفاعلات المصرية – الصينية” منذ التدشين الرسمي للعلاقات.

 وأعلنت شركة تيدا المصرية الصينية للتطوير الصناعي، أحد الاستثمارات الصينية البارزة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن دخولها في مفاوضات متقدمة مع 20 شركة تكنولوجية صينية لضخ رؤوس أموال جديدة داخل المنطقة خلال الفترة المقبلة، وتبلغ قيمة الاستثمارات التي جذبتها الشركة داخل منطقة تيدا نحو 1.2 مليار دولار ، كما تحتل العلاقات العسكرية بين مصر والصين أولوية قصوى لدى الدولتين، حيث شهد الملف تطورًا ملحوظًا لدفع التعاون العسكرى في مجالي التصنيع والتدريب المشترك،

فضلاً عن تعزيز التعاون المالي وتمديد اتفاقية مبادلة العملات المحلية ونجاح مصر في إصدار سندات الباندا في الصين، وزيادة التنسيق في المحافل الاقتصادية الدولية بما في ذلك انضمام مصر للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية واستضافتها للاجتماع السنوي للبنك في عام 2023، وكذلك انضمام مصر لبنك التنمية الجديد رسمياً عام 2023، والانضمام لعضوية تجمع البريكس في يناير عام 2024.
    وبمناسبة الذكرى العاشرة لإطلاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، فقد أعلن الرئيسان عن تدشين “عام الشراكة المصرية-الصينية” والذي سيشهد العديد من الفعاليات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية بهدف تطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات.

    واتفقت الدولتان على أهمية التمسك بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ورفض المعايير المزدوجة والممارسات الأحادية، وأهمية العمل على إصلاح المؤسسات الدولية لتكون أكثر عدالة وتمثيلاً للدول النامية وأكثر فاعلية في الاستجابة للتحديات التي تواجه العالم وتحقيق التعافي الاقتصادي ومعالجة قضايا الأمن الغذائي وندرة المياه وتغير المناخ ومكافحة التصحر.

  ولا يمكن الحديث حول العلاقات المصرية الصينية دون التطرق إلى الضلع الثالث لمثلث هذه العلاقات، ألا وهو أفريقيا، حيث لا تغيب افريقيا عن أي حديث يجمع بين القاهرة وبكين، وهي القاسم المشترك الأكبر بينهما، وظهر ذلك جليًا أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019؛ إذ لم تترك مصر أية مناسبة إلا وطرحت خلالها أفكارها ومبادراتها بشأن تعزيز التعاون الثلاثي المصري – الصيني – الأفريقي في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، وحث الجانب الصينى الى مزيد من المشاركة فى البنية التحتية مع افريقيا.

  وعلى الجانب الآخر ، فان النسخة العاشرة من المنتدى الصيني العربي تعكس مستوى الشراكة المتنامي بين الصين والدول العربية، وهناك 12 دولة عربية تحتفظ بعلاقات شراكة استراتيجية شاملة مع الصين حالياً، كما أن الاستثمارات الصينية في الدول العربية تقارب 250 مليار دولار، وحجم التجارة الصينية مع الدول العربية يقارب نصف تريليون دولار، كما أن الحضور الرفيع للقادة العرب فى المنتدى «رسالة للدول الغربية تعكس تطور العلاقات العربية مع القوى الشرقية مثل الصين وروسيا” في ظل احترام تلك الدول ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في شؤون الآخرين، بعكس السياسة الغربية القائمة على الازدواجية، حيث تعترف الصين بدولة فلسطين المستقلة، ودعمت الموقف الفلسطيني فى الأمم المتحدة،ودائماً ما تدعم الصين القضية الفلسطينية ومشروع حل الدولتين، ودعا الرئيس الصيني لعقد «مؤتمر دولي للسلام» بهدف حل النزاع فى الشرق الأوسط ، وعرض ملك البحرين خلال كلمته فى المنتدى استعداد البحرين لاستضافة مؤتمر السلام الدولى فى الشرق الأوسط.

==

  الوزير المفوض التجارى الدكتور/ منجى على بدر

  المفكر الاقتصادى وعضو مجلس ادارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة

    3 يونيو 2024

زر الذهاب إلى الأعلى